من بول أو غائط ومثلهما الريح فيما يظهر إذ لا بد منه وإن أكثر خروجه لذلك لعارض نظرا إلى جنسه ، ولا يشترط أن يصل لحد الضرورة ، وإذا خرج لا يكلف الإسراع بل يمشي على سجيته ، فإن تأنى أكثر من ذلك بطل كما في زيادة الروضة عن البحر ، ويجوز له الوضوء بعد قضائها خارج المسجد تبعا لها واجبا كان أو مندوبا ، وإن لم يجز له الخروج وحده ولو عن حدث حيث أمكنه في المسجد واقتصاره على قضاء الحاجة مثال فغيرها كذلك كغسل جنابة وإزالة نجاسة ورعاف وأكل ( ما يجوز للمعتكف الخروج له ) ; لأنه يستحيي منه في المسجد وإن أمكنه الأكل فيه ، بخلاف الشرب كما مر إذا وجد الماء فيه ويؤخذ من العلة كما أفاده ( ولا ) يضر ( الخروج لقضاء الحاجة ) الأذرعي أن الكلام في مسجد مطروق ، بخلاف المختص والمهجور الذي يندر طارقوه ، انقطع تتابعه ، والظاهر كما قاله فلو خرج للشرب مع تمكنه منه فيه الشيخ أن الوضوء المندوب لغسل الاحتلام مغتفر كالتثليث في الوضوء الواجب ( ولا يجب فعلها في غير داره ) التي يستحق منفعتها كسقاية المسجد ودار صديق له بجوار المسجد لما فيه من المشقة وخرم المروءة ، وتزيد دار الصديق بالمنة بها ، ويؤخذ منه أن من لا تختل مروءته بالسقاية ولا يشق عليه تكليفها إن كانت أقرب من داره ، وبه صرح القاضي والمتولي ، ومثل ذلك ما إذا كانت السقاية المصونة مختصة بالمسجد لا يدخلها إلا أهل ذلك المكان كما بحثه بعض المتأخرين ( ولا يضر بعدها ) أي داره المذكورة عن المسجد مراعاة لما مر من المشقة والمنة ( إلا أن يفحش ) بعدها عنه وثم لائق به أو ترك الأقرب من داريه وذهب إلى أبعدهما وضابط الفحش كما صرح به البغوي أن يذهب أكثر الوقت في التردد للمنزل ( فيضر في الأصح ) لأنه قد يحتاج في عوده أيضا إلى البول فيمضي يومه في الذهاب والإياب ولاغتنائه بالأقرب من داريه ، فإن لم يجد في طريقه مكانا أو وجده ولم يلق به دخوله لم يضر فحش البعد .
والثاني لا يضر فحش ذلك مطلقا لما مر من مشقة الدخول لقضاء الحاجة في غير داره ، ولا يجوز له كما ذكره الخروج [ ص: 230 ] لنوم أو غسل نحو جمعة الخوارزمي ( لم يضر ما لم يطل وقوفه ) بأن لم يقف أصلا أو وقف يسيرا كأن اقتصر على السلام والسؤال ( أو ) لم ( يعدل عن طريقه ) بأن كان المريض والقادم فيها { ( ولو عاد مريضا ) أو زار قادما ( في طريقه ) لقضاء حاجته إني كنت أدخل البيت للحاجة أي التبرز والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة عائشة } رواه لخبر وفي مسلم أبي داود مرفوعا { } فإن طال وقوفه عرفا أو عدل عن طريقه وإن قل ضر أنه صلى الله عليه وسلم كان يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو يسأل عنه ولا يعرج فإن لم ينتظرها ولم يعدل عن طريقه إليها جاز وإلا فلا ، وهل عيادة المريض ونحوها له أفضل أو تركها أو هما سواء ؟ وجوه أرجحها أولها ( ولا ينقطع التتابع ) بخروجه ( لمرض يحوج إلى الخروج ) لدعاء الحاجة له كما في قضاء الحاجة والمحوج لذلك ما يشق معه المقام في المسجد لحاجة فرش وخادم وتردد طبيب ، أو بأن يخاف منه تلويث المسجد كإسهال وإدرار بول ، بخلاف مرض لا يحوج إلى الخروج كصداع وحمى خفيفة فينقطع التتابع بالخروج له ، وفي معنى ما ذكر في المرض الخوف من نحو لص أو حريق ، فإن زال خوفه عاد لمكانه وبنى عليه قاله ولو صلى في طريقه على جنازة الماوردي ولعله فيمن لم يجد مسجدا قريبا يأمن فيه من ذلك .