الصفا والمروة قدر قامة ) { ( ويستحب ) للذكر ( أن يرقى على البيت } رواه ; لأنه صلى الله عليه وسلم رقي على كل منهما حتى رأى . أما الأنثى والخنثى فلا يسن لهما الرقي : أي إلا إن خلا المحل عن غير المحارم فيما يظهر كما نبه عليه وعلى الخنثى مسلم الإسنوي وتبعه عليه تلميذه أبو زرعة وغيره ، وما اعترض به من أن المطلوب من المرأة ومثلها الخنثى إخفاء شخصها ما أمكن وإن كانت في خلوة .
ألا ترى أنه لا يسن لها التخوية في الصلاة ولو في خلوة يرد بأن الرقي مطلوب لكل أحد غير أنه سقط عن الأنثى والخنثى طلبا للستر ، فإذا وجد ذلك مع الرقي صار مطلوبا ، إذ الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما ، وبأن قياس ما نحن فيه على التخوية ممنوع ; لأنها مثيرة للشهوة ومحركة للفتنة ولا كذلك الرقي فلا تصل له ، ويؤيد ما قاله الإسنوي ما مر في الجهر بالصلاة والقول بأن إخفاء الشخص يحتاط له فوق الصوت مردود بأن سماع الصوت قد يكون سببا لحضور من سمعه من بعد ولا كذلك الرقي في الخلوة ( فإذا رقي ) بكسر القاف ( قال : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ) من كل شيء ( ولله الحمد ) أي على كل حال لا لغيره كما يشعر به تقديم الخبر ( الله أكبر على ما هدانا ) أي دلنا على طاعته بالإسلام وغيره ( والحمد لله على ما أولانا ) من نعمه التي لا حصر لها ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ) تقدم شرحه في خطبة الكتاب ( له الملك ) أي ملك السموات والأرض لا لغيره ( وله الحمد يحيي ويميت بيده ) أي قدرته ( الخير وهو على كل شيء قدير ) لخبر { مسلم بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل [ ص: 294 ] القبلة ووحد الله وكبره وقال : لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ، ثم دعا بين ذلك ، قال هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى أتى المروة ففعل على المروة ما فعل على الصفا } وفيه زيادة ونقصان بالنسبة لما ذكره أنه صلى الله عليه وسلم لما بدأ المصنف ( ثم يدعو بما شاء دينا ودنيا ) ; لأنها أمكنة يستجاب فيها الدعاء وكان عمر يطيل الدعاء هنالك واستحبوا من دعائه أن يقول : اللهم إنك قلت ادعوني أستجب لكم وأنت لا تخلف الميعاد وإني أسألك كما هديتني بالإسلام أن لا تنزعه عني حتى تتوفاني وأنا مسلم ( قلت : ويعيد الذكر والدعاء ثانيا وثالثا ، والله أعلم ) للاتباع .