[ ص: 54 ] ( فصل ) في الوصية لغير الوارث وحكم التبرعات في المرض ( ينبغي ) بل الأحسن أن ينقص منه شيئا ; لأنه صلى الله عليه وسلم استكثره فقال { لمن ورثته فقراء أو أغنياء ( أن لا يوصي بأكثر من ثلث ماله ) } ومن ثم صرح جمع بكراهة الزيادة عليه وجمع بحرمتها . الثلث والثلث كثير
قال الأذرعي : ويتعين الجزم بها عند قصد حرمان الوارث انتهى .
والمعتمد خلافه كما علم مما مر نظيره في الوقف الخاص المطلق التصرف الزيادة ( بطلت ) الوصية ( في الزائد ) إجماعا ; لأنه حقه ، فإن كان عاما بطلت ابتداء من غير رد ; لأن الحق للمسلمين فلا مجيز ( وإن أجاز ) وهو مطلق التصرف وإلا لم تصح إجازته بل توقف إلى تأهله كما مر ، لكن يظهر أن محله عند رجاء زواله وإلا كجنون مستحكم أيس من برئه فتبطل حيث غلب على الظن ذلك بأن شهد به خبيران وإلا فلا ; لأن تصرف الموصي وقع صحيحا فلا يبطله إلا مانع قوي ، وعلى كل فمتى برأ وأجاز بان نفوذها ( فإجازته تنفيذ ) أي إمضاء لتصرف الموصي بالزيادة على الثلث لصحته كما مر ، وحق الوارث إنما يثبت في ثاني حال فأشبه عفو الشفيع ( وفي قوله عطية مبتدأة والوصية ) على الثاني ( بالزيادة لغو ) { ( فإن زاد ) على الثلث ( ورد الوارث ) عن الوصية بالنصف وبالثلثين سعد بن أبي وقاص } رواه الشيخان . [ ص: 55 ] وجوابه أن النهي إنما يقتضي الفساد إن رجع لذات الشيء أو لازمه ، وهنا ليس كذلك ; لأنه لخارج عنه وهو رعاية المواريث وإن توقف الأمر على إجازته ، وعلى الأول لا يحتاج للفظ هبة وتجديد قبول وقبض ولا رجوع للمجيز قبل القبض وينفذ من المفلس وعليهما لا بد من معرفته لقدر ما يجيزه من التركة إن كانت بمشاع لا معين ، ومن ثم لو أجاز ثم قال ظننت قلة المال أو كثرته ولم أعلم كميته وهي بمشاع حلف أنه لا يعلم ونفذت فيما ظنه فقط أو بمعين لم يقبل لنهيه صلى الله عليه وسلم
( ويعتبر المال ) حتى يعلم قدر الثلث منه ( يوم الموت ) ; لأن الوصية تملك بعده وبه تلزم من جهة الموصي ، وقضية ذلك أنه لو قتل فوجبت ديته ضمت لماله حتى لو أوصى بثلثه أخذ ثلثها ( وقيل يوم الوصية ) فلا عبرة بما حدث بعدها كما لو نذر التصدق بثلث ماله حيث اعتبر يوم النذر ورد بأنه وقت اللزوم فهو نظير يوم الموت هنا ، ومر أن الثلث إنما يعتبر لها بعد الدين وأنها معه ولو مستغرقا صحيحة حتى لو أبرأ مستحقه نفذت ولم يبين الاعتبار في قيمة ما يفوت على الورثة وما يبقى لهم ، وحاصله أن الاعتبار في المنجز وقت التفويت ثم إن وفى بجميعها ثلثه عند الموت فذاك وإلا ففيما يفي به ، وفي المضاف للموت بوقته وفيما بقي لهم بأقل قيمة من الموت إلى القبض ; لأن الزيادة على يوم الموت في ملكهم والنقص عن يوم القبض لم يدخل في يدهم فلا يحسب عليهم ( ويعتبر من الثلث أيضا ) راجع ليعتبر والثلث لتقدم لفظهما أما الأول فظاهر ، وأما الثاني ; فلأن هذا عطف على ينبغي المعلق بالثلث كما أن هذا متعلق به ( عتق علق بالموت ) في الصحة والمرض . نعم لو قال صحيح لقنه أنت حر قبل مرض موتي بيوم ثم مات من مرض بعد التعليق بأكثر من يوم أو قبل موتي بشهر ثم مرض دونه ومات بعد أكثر من شهر عتق من رأس المال ; لأن عتقه وقع في الصحة ، وكذا لو مات بعد أن مرض شهرا فأكثر اعتبر من [ ص: 56 ] رأس المال كما لو علقه بصفة في الصحة فوجدت في مرضه من غير اختياره ، ولو اعتبر جميع قيمة العبد من الثلث لحصول البراءة بدونه حتى لو لم يف الثلث بتمام قيمته ولم تجز الورثة لم تصح الوصية ويعدل إلى الإطعام أو الكسوة أوصى بعتق عن كفارته المخيرة
( وتبرع نجز في مرضه ) أي الموت ( كوقف ) وعارية عين سنة مثلا وتأجيل ثمن مبيع كذلك فيعتبر منه أجرة الأولى وثمن الثانية وإن باعها بأضعاف ثمن مثلها ; لأن تفويت يدهم كتفويت ملكهم ( وهبة وعتق ) في غير مستولدة إذ هو لها فيه من رأس المال ( وإبراء ) وهبة في صحة وإقباض في مرض حيث اتفق المتهب والوارث وإلا حلف المتهب ; لأن العين في يده ، وقضيته أنه لو كانت بيد الوارث وادعى أنه ردها إليه أو إلى مورثه وديعة أو عارية صدق الوارث ، أو بيد المتهب وقال الوارث أخذتها غصبا أو نحو وديعة صدق المتهب وهو محتمل ، ولو قيل بمجيء ما مر من تنازع الراهن والواهب مع المرتهن والمتهب في القبض من التفصيل لم يبعد ، ولو ادعى الوارث موته من مرض تبرعه والمتبرع عليه شفاءه وموته من مرض آخر أو فجأة فإن كان مخوفا صدق الوارث وإلا فالآخر : أي ; لأن غير المخوف بمنزلة الصحة ، وهما لو اختلفا في صدور التصرف فيها أو في المرض عنها صدق المتبرع عليه ; لأن الأصل دوام الصحة ، فإن أقاما بينتين قدمت بينة المرض لكونها ناقلة ، ولو ملك في مرض موته من يعتق عليه فعتقه من الأصل وإن اشتراه بثمن مثله صح ، ثم إن كان مديونا بيع للدين وإلا فعتقه من الثلث أو بدون ثمن المثل فقدر المحاباة هبة يعتق من الأصل ولا يتعلق به الدين ، وإذا عتق من الثلث لم يرث أو من الأصل ورث