( ) وهو من لم يبلغ أوان طلوع اللحية غالبا ، وينبغي ضبط ابتدائه بحيث لو كانت صغيرة لاشتهيت للرجال مع خوف فتنة بأن لم يندر وقوعها كما قاله ويحرم نظر أمرد أو ( بشهوة ) إجماعا وكذا كل منظور إليه ، ففائدة ذكرها فيه تمييز طريقة ابن الصلاح الرافعي ، وضبط في الإحياء الشهوة بأن يتأثر بجمال صورته بحيث يدرك من نفسه فرقا بين الملتحي وبينه ، وقريب منه قول السبكي هي أن ينظر فيلتذ وإن لم يشته زيادة وقاع أو مقدمة له فذاك زيادة في الفسق ، وكثيرون يقتصرون على مجرد النظر والمحبة ظانين سلامتهم من الإثم وليسوا سالمين منه ( قلت وكذا ) يحرم نظره ( بغيرها ) أي الشهوة ولو مع أمن الفتنة ( في الأصح المنصوص ) ; لأنه مظنة الفتنة فهو كالمرأة في الكلام في الجميل الوجه النقي البدن كما قيد به المصنف رحمه الله في التبيان وغيره بل هو أشد إثما من الأجنبية لعدم حله بحال ، وقد حكي عن أبي عبد الله الجلاء قال : كنت أمشي مع أستاذي يوما فرأيت حدثا جميلا فقلت : يا أستاذي ترى يعذب الله هذه الصورة ؟ فقال : سترى غبه ، فنسي القرآن بعد عشرين سنة . والثاني لا يحرم وإلا لأمر الأمرد بالاحتجاب كالنساء ، ورد لما في ذلك من المشقة الصعبة عليهم وترك الأسباب اللازم له وعلى غيرهم غض البصر عند توقع الفتنة لا سيما مع مخالطة الناس لهم من عصر الصحابة إلى الآن مع العلم بأنهم لم يؤمروا بغض البصر عنهم في كل حال كالنساء بل عند توقع الفتنة .
ونازع في المهمات في العزو للنص وقال : الصادر من على ما بينه في الروضة إنما هو إطلاق يصح حمله على حالة الشهوة ا هـ . الشافعي
وقال : لا أعرف هذا النص الشيخ أبو حامد كما نبه عليه للشافعي ابن الرفعة ، ولم يذكره في معرفته ولا سننه ولا مبسوطه ، وتبعه البيهقي المحاملي على عدم معرفته للنص .
وقال البلقيني : ما صححه المصنف لم يصرح به أحد وليس وجها ثانيا ، فإن الموجود في كتب الأصحاب أنه إن لم يخف فتنة لا يحرم قطعا ، فإن خاف فوجهان ، وما ذكره عن النص مطعون فيه . ولعله وقع ذلك عند حصول شهوة أو خوف فتنة . للشافعي
وأما عند عدم الشهوة وعدم [ ص: 193 ] الفتنة فإنه لا يحرم النظر بلا خلاف ، وهذا إجماع من المسلمين ، ولا يجوز أن ينسب ما يخرق الإجماع ا هـ . للشافعي
وقال الشارح : لم يصرح هو أعني المصنف ولا غيره بحكايتها في المذهب ا هـ .
فعلم مما تقرر أن ما قاله المصنف من اختياراته لا من حيث المذهب ، وأن المعتمد ما صرح به الرافعي كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، وشرط الحرمة على كلام المصنف أن لا يكون الناظر محرما بنسب أو رضاع أو مصاهرة ولا سيدا ، وأن لا تدعو إلى نظره حاجة ، فإن دعت كما لو جاز له نظره إن بلغه استواؤهما في الحسن وإلا فلا كما بحثه كان للمخطوبة نحو ولد أمرد وتعذر عليه رؤيتها وسماع وصفها الأذرعي ، وظاهر أن محله عند انتفاء الشهوة وعدم خوف الفتنة ، والأوجه حل نظر مملوكه وممسوح بشرطهما المار وخرج بالنظر المس فيحرم وإن حل كما هو ظاهر ; لأنه أفحش وغير محتاج له والخلوة به فتحرم لكن إن حرم النظر فيما يظهر .
والفرق بينها وبين المس ظاهر ( والأصح عند المحققين أن الأمة كالحرة ، والله أعلم ) لاشتراكهما في الأنوثة وخوف الفتنة ، بل جمال كثير من الإماء أكثر من جمال كثير من الحرائر فخوفها فيهن أعظم .
وأما ضرب عمر رضي الله عنه أمة استترت كالحرة وقوله لها أتتشبهين بالحرائر [ ص: 194 ] يا لكاع ، فغير دال على الحل لاحتمال قصده بذلك نفي الأذى عن الحرائر ; لأن الإماء كن يقصدن للزنا ، قال تعالى { ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } وكانت الحرائر تعرف بالستر فخشي أنه إذا استترت الإماء حصل الأذى للحرائر فأمر الإماء بالتكشف ويحترزن في الصيانة من أهل الفجور .