( باب نكاح المشرك ) هو هنا الكافر على أي ملة كان ، وقد يطلق على مقابل الكتابي كما في أول سورة لم يكن ، وقد يستعمل معه كالفقير مع المسكين ( لو ) يحل له نكاحها ابتداء ، أو أمة وعتقت في العدة ، أو أسلمت فيها وهو ممن يحل له نكاح الأمة كما يعلم مما يأتي ( دام نكاحه ) بالإجماع ( أو ) ( أسلم كتابي ، أو غيره ) كمجوسي ، أو وثني ( وتحته حرة كتابية ) ( قبل الدخول ) أو استدخال ماء محترم ( تنجزت الفرقة ) بينهما لما مر في الردة ( أو ) تخلفت ( بعده ) أي الدخول ، أو نحوه ( وأسلمت في العدة دام نكاحه ) إجماعا إلا ما شذ به أسلم وتحته كتابية لا تحل ، أو ( وثنية ، أو مجوسية ) مثلا ( فتخلفت ) عنه بأن لم تسلم معه ( وإلا ) بأن أصرت إلى انقضائها وإن قارنه إسلامها كما اقتضاه كلامهم تغليبا للمانع ( فالفرقة ) بينهما حاصلة ( من ) حين ( إسلامه ) إجماعا ( ولو ) النخعي كتابيا كان ، أو غيره ( فكعكسه ) المذكور فإن كان قبل نحو وطء تنجزت الفرقة أو بعده وأسلم في العادة دام نكاحه ، وإلا فالفرقة من حين إسلامها وهي فيهما فرقة فسخ لإطلاق لأنها بغير اختيارهما ( ولو ) ( أسلمت ) زوجة كافرة ( وأصر ) زوجها على كفره ( دام النكاح ) بينهما إجماعا على أي كفر كان ولتساويهما في الإسلام المناسب للتقرير فارق هذا ما لو ارتدا معا ( والمعية ) في الإسلام إنما تعتبر ( بآخر اللفظ ) المحصل له لأن المدار في حصوله عليه دون أوله ووسطه ، وظاهره جريان ذلك في غير هذا المحل ، فلو ( أسلما معا ) قبل وطء ، أو بعده لم يرثه ، وكان قياس ما مر في الصلاة من أنه يتبين بالراء دخوله فيها من حين نطقه بالهمزة أن يقال بالتبين هنا ، إلا أن يفرق بأن التكبير ثم ركن وهو من الأجزاء فكان ذلك التبين ضروريا ثم . شرع في كلمة الإسلام فمات مورثه بعد أولها وقبل تمامها
وأما هنا فكلمة الإسلام خارجة عن ماهيته فلا حاجة للتبين فيها ، بل لا يصح لأن المحصل هنا تمامها لا ما قبله من أجزائها ، ويؤيده قول المصنف [ ص: 296 ] المعية بآخر اللفظ والإسلام بالتبعية كهو استقلالا فيما ذكر .
نعم لو أسلمت بالغة عاقلة مع أبي الطفل ، أو المجنون قبل نحو الوطء تنجزت الفرقة كما قاله جمع منهم البغوي خلافا لآخرين ووجهه البلقيني ومن تبعه بعدم مقارنة إسلامه لإسلامها ، أما المعية فلأن إسلامه إنما يقع عقب إسلام أبيه فهو عقب إسلامها ، ولا نظر إلى أن العلة الشرعية مع معلولها لأن الحكم للتابع متأخر عن الحكم للمتبوع فلا يحكم للولد بإسلام حتى يصير الأب مسلما .
وأما في الترتيب فلأن إسلامها قولي وإسلامه حكمي وهو أسرع فيكون إسلامه متقدما على إسلامها ويأتي ذلك في إسلام أبيها معه ( وحيث أدمنا ) النكاح ( لا يضر مقارنة العقد ) أي عقد النكاح الواقع في الكفر ( لمفسد ) من مفسدات النكاح ( هو زائل عند الإسلام ) لأن الشروط لما ألغي اعتبارها حال نكاح الكافر وصار رخصة لكون جمع من الصحابة أسلموا وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم ، بل وأمر من أسلم على أختين أن يختار إحداهما ، وعلى عشر أن يختار أربعا وجب اعتبارها حال التزام أحكامنا بالإسلام لئلا يخلو العقد عن شرطه في الحالين معا ويكفي الحل في بعض المذاهب كما ذكره الجرجاني ، فإن اعتقدوا فساده وانقطاعه فلا تقرير بل يرتفع النكاح ( وكانت بحيث تحل له الآن وإن بقي المفسد ) المذكور عند الإسلام بحيث كانت محرمة عليه وقته كنكاح محرم وملاعنة ومطلقة ثلاثا قبل تحليل ( فلا نكاح بينهما ) لامتناع ابتدائه حينئذ إذا تقرر ذلك ( فيقر على نكاح بلا ولي ولا شهود ) ، أو مع إكراه ، أو نحوه لحل نكاحها الآن فالضابط أن تكون الآن بحيث يحل ابتداء نكاحها مع تقدم ما تسمى به زوجة عندهم .
( وفي عدة ) للغير سوى عدة الشبهة وغيرها ( هي منقضية عند الإسلام ) بخلافها إذا بقيت لما تقرر ( و ) يقر على غصب حربي ، أو ذمي لحربية إن اعتقدوه نكاحا لا على ذمي ذمية وهم يعتقدون غصبها نكاحا فلا يقرون عليه ، وهو مقيد كما قاله بما إذا لم يتوطن الذمي دار الحرب وإلا فهو كالحربي ، إذ لا يجب الدفع عنه وعلى نكاح ( مؤقت إن اعتقدوه مؤبدا ) إلغاء لذكر المؤقت ، بخلاف ما إذا اعتقدوه مؤقتا فإنهم لا يقرون عليه وإن أسلما قبل تمام المدة لأنه لا نكاح بعدها في معتقدهم وقبلها يعتقدونه مؤقتا ومثله لا يحل ابتداؤه ، وبهذا يفرق بين هذا والتفصيل في شرط الخيار وفي النكاح في العدة بين بقاء المدة والعدة [ ص: 297 ] فلا يقرون وانقضائها فيقرون ، وحاصله أن بعدها هنا لا نكاح في اعتقادهم بخلافهم في دينك وقبلها الحكم في الكل واحد ( وكذا ) يقر ( لو قارن الإسلام ) منهما ، أو من أحدهما ( عدة شبهة ) كأن أسلم فوطئت بشبهة ثم أسلمت ، أو عكسه ، أو وطئت بشبهة ثم أسلما في عدتها ( على المذهب ) وإن كان لا يجوز ابتداء نكاح المعتدة لأن عدة الشبهة لا تقطع نكاح المسلم فهنا أولى لكونه يحتمل في أنكحة الكفار ما لا يحتمل في أنكحة المسلمين فغلبنا عليه حكم الاستدامة هنا دون نظائره ، وفي وجه من الطريق الثاني لا يقر عليه كما لا يجوز نكاح المعتدة . ابن أبي هريرة
أما الشبهة المقارنة للعقد كأن فلا يقر النكاح معها لأن المفسد قائم عند الإسلام ونقلا عن الرقم أنه يقر لأن الإسلام لا يمنع الدوام مع عدة الشبهة بخلاف عدة النكاح . نكح معتدة عن شبهة ثم أسلم في أثناء عدتها
قالا : ولم يتعرض الجمهور لهذا الفرق وأطلقوا اعتبار التقرير بالابتداء ا هـ : أي بلا فرق بين عدة الشبهة والنكاح وهو المعتمد .
نعم لو حرمها وطء الشبهة عليه لكونه أباه ، أو ابنه فلا تقرير كما مال إليه الأذرعي ، فإن لم يعتقدوا فيه شيئا فلا تقرير ، وحيث لم يقترن بمفسد فلا يؤثر اعتقادهم فساده لأنه لا رخصة في رعاية اعتقادهم حينئذ ( لا نكاح محرم ) كبنته وزوجة أبيه فإنه لا يقر عليها إجماعا ، نعم لا نتعرض لهم في ذلك إلا بقيده الآتي ولا نكاح زوجة لآخر ، كذا أطلقوه ، نعم لو قصد الاستيلاء عليها وهي حربية ملكها وانفسخ نكاح الأول أخذا مما مر في المؤقت ، وإنما لم ينظر لاعتقادهم في نحو المؤقت دون نكاح بلا ولي ولا شهود ونحوه لأن أثر التأقيت من زوال العصمة عند انتهاء الوقت وعدمها باق فنظروا لاعتقادهم فيه ، بخلاف انتفاء الولي والشهود فإنه لا أثر له عند الإسلام حتى ينظروا لاعتقادهم فيه ، ولا ينافي ذلك ما يأتي في الأمة لإمكان الفرق بأن الاحتياط لرق الولد اقتضى عدم النظر لاعتقادهم المقتضي لرقه .