الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( قال قوم ) عرب أو عجم ( نؤدي الجزية باسم صدقة لا جزية ) ( فللإمام إجابتهم إذا رأى ) ذلك ( ويضعف عليهم الزكاة ) اقتداء بفعل عمر رضي الله عنه مع من تنصر من العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وهم بنو تغلب وتنوخ وبهراء [ ص: 97 ] وقالوا لا تؤدى إلا كالمسلمين فأبى ، فأرادوا اللحوق بالروم فصالحهم على تضعيف الصدقة عليهم وقال : هؤلاء حمقى أبوا الاسم ورضوا بالمعنى ( فمن خمسة أبعرة شاتان ، و ) من ( خمسة وعشرين ) بعيرا ( بنتا مخاض ) ومن ست وثلاثين بنتا لبون وهكذا ( عشرين دينارا دينار ، و ) من ( مائتي درهم عشرة وخمس المعشرات ) المسقية بلا مؤنة وإلا فعشرها ، ويجوز تربيعها وتخميسها بحسب ما يراه ، بل لو لم يف التضعيف بقدر دينار لكل واحد وجبت الزيادة إلى بلوغ ذلك يقينا ، كما أنه لو زاد جاز النقص عنه إلى بلوغ ذلك يقينا أيضا ، وقول البلقيني إنه إن أراد تضعيف الزكاة مطلقا وردت زكاة الفطر ، ولم أر من ذكرها أو فيما ذكره وردت زكاة التجارة والمعدن والركاز ، ففي الأم والمختصر تضعيفها أو مطلق المال الزكوي اقتضى عدم الأخذ من المعلوفة وهو بعيد ولم أره .

                                                                                                                            يجاب عنه بأن المتجه تضعيفها إلا في زكاة الفطر إذ لا تجب على كافر ابتداء ، وإلا في المعلوفة ; لأنها ليست زكوية الآن ولا عبرة بالجنس ، وإلا وجبت فيما دون النصاب الآتي ( ولو وجبت بنتا مخاض مع جبران ) كما في ستة وثلاثين عند فقد بنتي اللبون ( لم يضعف الجبران في الأصح ) فيأخذ مع كل بنت مخاض شاتين أو عشرين درهما إذا الشيء إذا بلغ غايته لا يزاد عليه ولو قبل التضعيف لضعف علينا ، والخيرة فيه هنا للإمام لا للمالك نص عليه ، والثاني يضعف فيأخذ مع كل بنت مخاض أربع شياه أو أربعين درهما ( ولو كان ) المال الزكوي ( بعض نصاب ) كعشرين شاة ( لم يجب قسطه في الأظهر ) إذ لا يجب فيه شيء على المسلم ، ومن ثم يجب القسط في الخلطة الموجبة للزكاة ، ولا يلزم على ذلك القول ببقاء موسر منهم من غير جزية ; لأنه لا نظر هنا للأشخاص بل لمجموع الحاصل هل يفي برءوسهم أو لا كما تقرر ، وهل يعتبر النصاب كل الحول أو آخره وجهان أصحهما أولهما إلا في مال التجارة ونحوه .

                                                                                                                            والثاني يجب ، ففي عشرين شاة شاة ، وفي مائة درهم خمسة ( ثم المأخوذ جزية ) حقيقة فيصرف مصرفها ( فلا يؤخذ من مال من لا جزية عليه ) ولو زاد المجموع على أقلها فطلبوا إسقاط الزيادة وإعادة اسم الجزية أجبناهم

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويضعف ) وجوبا ( قوله من تنصر من العرب ) أي دخل في دين النصرانية ( قوله : وهم بنو تغلب ) بفتح المثناة فوق وبكسر اللام مضارع غلبه .

                                                                                                                            قال في المصباح : غلبه غلبا من باب ضرب والاسم الغلبة بفتحتين والغلبة وبمضارع الخطاب سمي ، ومنه بنو تغلب وهم قوم من مشركي العرب طلبهم عمر بالجزية فأبوا أن يعطوها باسم الجزية ، وصالحوا على اسم الصدقة مضاعفة ، ويروى أنه قال : هاتوها وسموها ما شئتم ، والنسبة إليها تغلبي بالكسر على الأصل .

                                                                                                                            قال ابن السراج : ومنهم من يفتح للتخفيف استثقالا لتوالي كسرتين مع ياء النسب ا هـ ( قوله : وتنوخ ) هو بالتاء المثناة فوق وبالنون المخففة .

                                                                                                                            قال في القاموس : تنخ بالمكان تنوخا أقام كتنخ ، ومنه تنوخ قبيلة لأنهم اجتمعوا فأقاموا في موضعهم ( قوله : وبهراء ) قال في القاموس : وبهراء قبيلة وقد يقصر والنسبة بهراني وبهراوي ،

                                                                                                                            وفي المصباح وبهراء مثل حمراء قبيلة من قضاعة والنسبة إليها بهراني مثل نجراني على غير قياس ، وقياسه بهراوي [ ص: 97 ] قوله : فأبى ) أي عمر رضي الله عنه ( قوله : وقول البلقيني ) أي اعتراضا على التعبير بما ذكر من تضعيف الزكاة بلا قيد ومن التصوير بقوله من خمسة أبعرة إلخ ( قوله : وإلا في المعلوفة ) أي فلا يأخذ شيئا منها لا بمضاعفة ولا عدمها أخذا من قوله وإلا وجبت فيما دون إلخ ( قوله : والخيرة فيه ) أي الجبران ، وقوله هنا : أي بخلاف زكاتنا فإن الخيرة للدافع مالكا كان أو ساعيا ( قوله أجبناهم ) أي وجوبا .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قال قوم عرب أو عجم نؤدي الجزية باسم صدقة لا جزية ) ( قوله : يجاب عنه بأن المتجه إلخ ) لا يخفى أن هذا ليس جوابا عن كلام البلقيني ، وعبارة التحفة : قال البلقيني : إن أراد إلى أن قالا ا هـ . والذي يتجه التضعيف إلا في زكاة الفطر إلخ ، فمراده بذلك بيان الأصح عنده في المسألة ( قوله : إذ الشيء إذا بلغ غايته لا يزاد عليه ) يتأمل ( قوله : والخيرة فيه ) أي الجبران : أي في دفعه وأخذه المفهوم من التعليل ، وقوله هنا : أي في الجزية : أي بخلافه في الزكاة فإن الخيرة فيه للدافع كما مر ثم .




                                                                                                                            الخدمات العلمية