الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=25369 ( ويقضي ما ترك من عبادة في الإسلام ) لأن ترك الصلاة والصيام معصية والمعصية تبقى بعد الردة ( وما أدى منها فيه يبطل ، ولا يقضي ) [ ص: 252 ] من العبادات ( إلا الحج ) لأنه بالردة صار كالكافر الأصلي ، فإذا أسلم وهو غني فعليه الحج فقط .
مطلب nindex.php?page=treesubj&link=25369المعصية تبقى بعد الردة ( قوله والمعصية تبقى بعد الردة ) نقل ذلك مع التعليل قبله في الخانية عن شمس الأئمة الحلواني . قال القهستاني : وذكر التمرتاشي أنه يسقط عند العامة ما وقع حال الردة وقبلها من المعاصي ، ولا يسقط عند كثير من المحققين ا هـ وتمامه فيه . قلت : والمراد أنه يسقط عند العامة بالتوبة والعود إلى الإسلام للحديث " { nindex.php?page=hadith&LINKID=13836الإسلام يجب ما قبله } " وأما في حال الردة فيبقى ما فعله فيها أو قبلها إذا مات على ردته لأنه بالردة ازداد فوقه ما هو أعظم منه فكيف تصلح ماحية له بل الظاهر عود معاصيه التي تاب منها أيضا لأن التوبة طاعة وقد حبطت طاعاته ، ويدل له ما في التتارخانية عن السراجية : من nindex.php?page=treesubj&link=9966ارتد ثم أسلم ثم كفر ومات فإنه يؤاخذ بعقوبة الكفر الأول والثاني وهو قول الفقيه nindex.php?page=showalam&ids=11903أبي الليث ا هـ ثم لا يخفى أن هذا الحديث يؤيد قول العامة : ولا ينافيه وجوب قضاء ما تركه من صلاة أو صيام ومطالبته بحقوق العباد لأن قضاء ذلك كله ثابت في ذمته ، وليس هو نفس المعصية وإنما المعصية إخراج العبادة عن وقتها وجنايته على العبد فإذا سقطت هذه المعصية لا يلزم سقوط الحق الثابت في ذمته ، كما أجاب بعض المحققين بذلك عن القول بتكفير الحج المبرور الكبائر ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
( قوله وما أدى منها فيه يبطل ) في التتارخانية معزيا إلى التتمة قيل له لو تاب تعود حسناته ؟ قال : هذه المسألة مختلفة فعند أبي علي nindex.php?page=showalam&ids=12187وأبي هاشم وأصحابنا أنه يعود . وعند nindex.php?page=showalam&ids=15090أبي القاسم الكعبي لا ، ونحن نقول إنه لا يعود ما بطل من ثوابه لكنه تعود طاعاته المتقدمة مؤثرة في الثواب بعد ا هـ بحر . مطلب nindex.php?page=treesubj&link=25369لو تاب المرتد هل تعود حسناته وفي شرح المقاصد للمحقق التفتازاني في بحث التوبة : ثم اختلفت المعتزلة في أنه إذا سقط استحقاق عقاب المعصية بالتوبة هل يعود استحقاق ثواب الطاعة الذي أبطلته تلك المعصية ؟ فقال أبو علي nindex.php?page=showalam&ids=12187وأبو هاشم : لا لأن الطاعة [ ص: 252 ] تنعدم في الحال وإنما يبقى استحقاق الثواب وقد سقط والساقط لا يعود . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15090الكعبي : نعم لأن الكبيرة لا تزيل الطاعة وإنما تمنع حكمها وهو المدح والتعظيم فلا تزيل ثمرتها فإذا صارت بالتوبة كأن لم تكن ظهرت ثمرة الطاعة كنور الشمس إذا زال الغيم .
وقال بعضهم : وهو اختيار المتأخرين لا يعود ثوابه السابق لكن تعود طاعته السالفة مؤثرة في استحقاق ثمراته وهو المدح ، والثواب في المستقبل بمنزلة شجرة احترقت بالنار أغصانها وثمارها ثم انطفأت النار فإنه يعود أصل الشجرة وعروقها إلى خضرتها وثمرتها ا هـ وهذا يفيد أن الخلاف بين أبي علي nindex.php?page=showalam&ids=12187وأبي هاشم وبين nindex.php?page=showalam&ids=15090الكعبي على عكس ما مر وأن الخلاف في إحباط الكبائر للطاعات لأن هؤلاء الجماعة من المعتزلة . وعندهم أن الكبيرة تخرج صاحبها من الإيمان لكنها لا تدخله في الكفر وإن كان يخلد في النار ، ويلزم من إخراجه من الإيمان حبط طاعاته ، فالكبيرة عندهم من هذه الجهة بمنزلة الردة عندنا فيصح نقل الخلاف المذكور إلى الردة تأمل ( قوله إلا الحج ) لأن سببه البيت المكرم وهو باق ، بخلاف غيره من العبادات التي أداها لخروج سببها : ولهذا قالوا : إذا nindex.php?page=treesubj&link=9994صلى الظهر مثلا ثم ارتد ثم تاب في الوقت يعيد الظهر لبقاء السبب وهو الوقت ، ولذا اعترض اقتصاره على ذكر الحج وتسميته قضاء ، بل هو إعادة لعدم خروج السبب ( قوله لأنه بالردة إلخ ) علة لقوله ولا يقضي ولقوله إلا الحج ط