الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( عليه ديون ومظالم جهل أربابها وأيس ) من عليه ذلك ( من معرفتهم فعليه التصدق بقدرها من ماله وإن استغرقت جميع ماله ) هذا مذهب أصحابنا لا تعلم بينهم خلافا كمن في يده عروض لا يعلم مستحقيها اعتبارا للديون بالأعيان ( و ) متى فعل ذلك ( سقط عنه المطالبة ) من أصحاب الديون ( في المعقبي ) مجتبى . وفي العمدة : وجد لقطة وعرفها ولم ير ربها فانتفع بها لفقره ثم أيسر يجب عليه أن يتصدق بمثله .

التالي السابق


( قوله : جهل أربابها ) يشمل ورثتهم ، فلو علمهم لزمه الدفع إليهم ; لأن الدين صار حقهم . وفي الفصول العلامية : من له على آخر دين فطلبه ولم يعطه فمات رب الدين لم تبق له خصومة في الآخرة عند أكثر المشايخ ; لأنها بسبب الدين وقد انتقل إلى الورثة . والمختار أن الخصومة في الظلم بالمنع للميت ، وفي الدين للوارث . قال محمد بن الفضل : من تناول مال غيره بغير إذنه ثم رد البدل على وارثه بعد موته برئ عن الدين وبقي حق الميت لظلمه إياه ، ولا يبرأ عنه إلا بالتوبة والاستغفار والدعاء له . ا هـ . ( قوله : فعليه التصدق بقدرها من ماله ) أي الخاص به أو المتحصل من المظالم . ا هـ . ط وهذا إن كان له مال . وفي الفصول العلامية : لو لم يقدر على الأداء لفقره أو لنسيانه أو لعدم قدرته قالشداد والناطفي رحمهما الله تعالى : لا يؤاخذ به في الآخرة إذا كان الدين ثمن متاع أو قرضا ، وإن كان غصبا يؤاخذ به في الآخرة ، وإن نسي غصبه ، وإن علم الوارث دين مورثه والدين غصب أو غيره فعليه أن يقضيه من التركة ، وإن لم يقض فهو مؤاخذ به في الآخرة ، وإن لم يجد المديون ولا وارثه صاحب الدين ولا وارثه فتصدق المديون أو وارثه عن صاحب الدين برئ في الآخرة .

مطلب فيمن عليه ديون ومظالم جهل أربابها ( قوله : كمن في يده عروض لا يعلم مستحقيها ) يشمل ما إذا كانت لقطة علم حكمها ، وإن كانت غيرها فالظاهر وجوب التصدق بأعيانها أيضا ( قوله : سقط عنه المطالبة إلخ ) كأنه والله تعالى أعلم ; لأنه بمنزلة المال الضائع والفقراء مصرفه عند جهل أربابه ، وبالتوبة يسقط إثم الإقدام على الظلم ط ( قوله : يجب عليه أن يتصدق بمثله ) المختار أنه لا يلزمه ذلك في القهستاني عن الظهيرية ، وكذا في البحر والنهر عن الولوالجية .




الخدمات العلمية