الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو اشتريا ) شيئا على أنهما [ ص: 587 ] بالخيار فرضي أحدهما ) بالبيع صريحا أو دلالة ( لا يرده الآخر ) بل بطل خياره خلافا لهما . ( وكذا ) الخلاف في خيار ( الرؤية والعيب ) فليس لأحدهما الرد بعد الرؤية : أي بعد رؤية الآخر أو رضاه بالعيب خلافا لهما لضرر البائع بعيب الشركة ( كما يلزم البيع لو اشترى رجل عبدا من رجلين صفقة ) واحدة ( على أن الخيار لهما ) للبائعين ( فرضي أحدهما دون الآخر ) فليس لأحدهما الانفراد إجازة أو ردا خلافا لهما مجمع .

( اشترى عبدا بشرط خبزه أو كتبه ) أي حرفته كذلك ( فظهر بخلافه ) بأن لم يوجد معه أدنى ما ينطلق عليه اسم الكتابة أو الخبز ( أخذه بكل الثمن ) إن شاء ( أو تركه ) لفوات الوصف المرغوب فيه ولو ادعى المشتري أنه ليس كذلك لم يجبر على القبض حتى يعلم ذلك وكذا سائر الحرف اختيار ، ولو امتنع الرد بسبب ما قوم كاتبا وغير كاتب [ ص: 588 ] ورجع بالتفاوت في الأصح ( بخلاف شرائه شاة على أنها حامل أو تحلب كذا رطلا ) أو يخبز كذا صاعا أو يكتب كذا قدرا فسد لأنه شرط فاسد لا وصف ، حتى لو شرط أنها حلوب أو لبون جاز لأنه وصف

التالي السابق


( قوله : فرضي أحدهما ) قال : في البحر : ذكر الرضا إذ لو رد أحدهما لا يجيزه الآخر ولم أره صريحا ، ولكن قولهم لو رده أحدهما لرده معيبا يدل عليه ا هـ . ( قوله : أو دلالة ) كبيع وإعتاق . ( قوله : بعد رؤية الآخر ) أي ورضاه به ; لأن مجرد الرؤية لا يوجب تمام البيع ط . ( قوله : لضرر البائع إلخ ) علة لعدم الرد في المسائل الثلاث . ووجه كون الشركة عيبا أنه صار لا يقدر على الانتفاع به إلا بطريق المهايأة ، وتمامه في الفتح . ( قوله : صفقة واحدة ) قيد به ، إذ لو كان العقد صفقتين فلكل الرد والإجازة مخالفا للآخر لرضا المشتري بعيب الشركة كما لا يخفى ط . ( قوله : للبائعين ) بدل من قوله لهما . ( قوله : فليس لأحدهما الانفراد إجازة ) أي بعد ما رد الآخر ، وقوله : أو ردا أي ليس لأحدهما الانفراد ردا بعدما أجازه الآخر ا هـ . ح .

ثم لا يخفى أن التفريع غير ظاهر ، فكان الأولى أن يقول ولو رد أحدهما في المسألتين لا يجيزه الآخر فليس لأحدهما إلخ ، وهذا ذكره في البحر بقوله لو باع ليس لأحدهما الانفراد إجازة أو ردا لما في الخانية : اشترى عبدا من رجلين صفقة واحدة على أن البائعين بالخيار فرضي أحدهما بالبيع ولم يرض الآخر لزمهما البيع في قول أبي حنيفة . ا هـ . وأنت خبير بأن ما في الخانية لا يدل على قوله أو ردا فالظاهر أنه بحث منه كما بحث مثله في المسألة السابقة . ( قوله : مجمع ) لم أره فيه ، نعم قال : في شرحه لابن ملك قيد بالمشتريين ; لأن البائع لو اثنين والمشتري واحدا وفي البيع خيار شرط أو عيب فرد المشتري نصيب أحدهما دون الآخر بحكم الخيار جاز اتفاقا كذا في جامع المحبوبي . ا هـ . ومثله في شرح المنظومة وغرر الأذكار . ولا يخفى أن هذه المسألة غير ما في المتن ; لأن هذه في رد المشتري وتلك في رضا أحد البائعين ، وهذه وفاقية وتلك خلافية كما مر عن الخانية . ( قوله : بشرط خبزه ) أي صريحا أو دلالة كما يأتي بيانه ، وسيأتي آخر الباب بيان الوصف الذي يصح شرطه وما لا يصح . ( قوله : أي حرفته كذلك ) لأنه لو فعل هذا الفعل أحيانا لا يسمى خبازا بحر عن المعراج .

( قوله : بأن لم يوجد إلخ ) أي ليس المراد النهاية في الجودة ، بل أدنى الاسم بأن يفعل من ذلك ما يسمى به الفاعل خبازا أو كاتبا ; لأن كل واحد لا يعجز في العادة عن أن يكتب على وجه تتبين حروفه وأن يخبز مقدار ما يدفع الهلاك عن نفسه ، وبذلك لا يسمى خبازا ولا كاتبا بحر عن الذخيرة . وبه ظهر أن المناسب إبدال قول الشارح اسم الكاتب والخباز ، ولذا قال : في الفتح أعني الاسم المشعر بالحرفة . ( قوله : أخذه بكل الثمن ) لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن ما لم تكن مقصودة در منتقى وقصد الوصف بإفراده بذكر الثمن كما مر فيما لو باع المذروع كل ذراع بكذا . ( قوله : لم يجبر على القبض ) لأن الاختلاف وقع في وصف عارض والأصل فيه العدم ، والقول قول من يدعي [ ص: 588 ] الأصل ، والقول للبائع في أنها بكر ; لأنها صفة أصلية والوجود فيها أصل ، وتمامه في البحر . ( قوله : ورجع بالتفاوت ) فإن كان بقدر العشر رجع بعشر الثمن بحر عن الذخيرة . قال ط : أي يعتبر التفاوت من الثمن فإن هذا البيع صحيح لا نظر فيه للقيمة . ( قوله : في الأصح ) وهو ظاهر الرواية ، وفي رواية لا رجوع بشيء بحر . ( قوله : شاة على أنها حامل ) قيد بالشاة ; لأن اشتراط الحمل في الأمة فيه تفصيل سيذكره الشارح في الفروع الآتية . ( قوله : قدرا ) بفتح القاف أي يكتب مقدار كذا من الورق أو من الأسطر مثلا .

( قوله : فسد ) أي البيع . ( قوله : لأنه شرط فاسد ) لأنه شرط زيادة مجهولة لعدم العلم بها فتح : أي لأن ما في البطن والضرع لا تعلم حقيقته . ( قوله : جاز ) أي على رواية الطحاوي ويفسد على رواية الكرخي شرنبلالية وجزم بالأول في الفتح والدرر . ( قوله : لأنه وصف ) الأولى أن يزيد " مرغوب " ; لأنه ليس كل وصف يصح اشتراطه كما سيذكره في الضابط آخر الباب .




الخدمات العلمية