الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3045 27 حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا هشام قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: يا عائشة، هذا جبريل يقرؤ عليك السلام، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى. تريد النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: هذا جبريل. وهشام هو ابن يوسف الصنعاني اليماني قاضيها، ومعمر بفتح الميمين هو ابن راشد، والحديث أخرجه البخاري أيضا في الاستئذان، عن محمد بن مقاتل، وفي الأدب وفي الرقاق عن أبي اليمان، وفي فضل عائشة عن يحيى بن بكير، وأخرجه مسلم في الفضائل، عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأخرجه الترمذي في المناقب عن سويد بن نصر، وأخرجه النسائي في عشرة النساء، وفي اليوم والليلة عن عمرو بن منصور، وعن محمد بن حاتم، وعن أحمد بن يحيى. قوله: " يا عائشة" وروي: يا عائش، بالترخيم، فيجوز في الشين الضم والفتح. قوله: " يقرؤ" من الثلاثي، ويروى: يقرئك، بضم الياء من المزيد فيه، وفيه منقبة عظيمة لعائشة رضي الله تعالى عنها.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): هلا واجهها جبريل كما واجه مريم عليها السلام؟ قلت: وجه ذلك أنه لما قدر وجود عيسى عليه السلام لا من أب نصب جبريل ليعلمها بكونه قبل كونه؛ لتعلم أنه يكون بالقدرة، فتسكن في زمن الحمل، ثم بعث إليها عند الولادة لكونها في وحدة، فقال: ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا فكان خطاب الملك لها في الحالتين؛ لتسكن ولا تنزعج.

                                                                                                                                                                                  وجواب آخر: أن مريم كانت خالية من زوج، فواجهها بالخطاب، وأم المؤمنين احترمت لمكان سيد الأمة كما احترم الشارع قصر عمر رضي الله تعالى عنه الذي رآه في المنام خوفا من الغيرة، وهذا أبلغ في فضل عائشة; لأنها إذا احترمها جبريل عليه الصلاة والسلام الذي لا شهوة له حفظا لقلب زوجها سيد الأمة، كان عما قيل فيها في الإفك أبعد.

                                                                                                                                                                                  وجواب آخر: أنه خاطب مريم لكونها نبية على قول، وعائشة لم يذكر عنها ذلك.

                                                                                                                                                                                  وفيه أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يرى الملك ولا يراه من معه.

                                                                                                                                                                                  وفيه زيادة عائشة في الرد على سلام جبريل عليه الصلاة والسلام بقولها: ورحمة الله وبركاته، وهي سنة، قاله ابن عباس، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول في ابتداء السلام وفي رده سواء: السلام عليكم.

                                                                                                                                                                                  وفيه جواز سلام الأجنبي على الأجنبية إذا لم يخش ترتب مفسدة، والأولى تركه في هذا الزمان.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية