3085 " غساقا " يقال غسقت عينه ويغسق الجرح وكأن الغساق والغسق واحد

التالي السابق

الشرح

أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا قَوْلُهُ : " يُقَالُ غَسَقَتْ عَيْنُهُ " إِذَا سَالَ مِنْهَا الْمَاءُ الْبَارِدُ ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ : غَسَقَتْ عَيْنُهُ : إِذَا أَظْلَمَتْ ، وَغَسَقَ الْجُرْحُ : إِذَا سَالَ مِنْهُ مَاءٌ أَصْفَرُ ، وَيُقَالُ : الْغَسَاقُ : الْمَاءُ الْبَارِدُ الْمُنْتِنُ ، يُخَفَّفُ وَيُشَدَّدُ ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِالتَّشْدِيدِ وَالْكِسَائِيُّ بِالتَّخْفِيفِ ، وَقِيلَ : الْغَسَاقُ قَيْحٌ غَلِيظٌ ، قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ : هُوَ صَدِيدُهُمْ تَصْهَرُهُمُ النَّارُ ، فَيَجْتَمِعُ صَدِيدُهُمْ فِي حِيَاضٍ فَيُسْقَوْنَهُ ، وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ : الْغَسَاقُ مَا يَقْطُرُ مِنْ جُلُودِ أَهْلِ النَّارِ ، وَقِيلَ : بَارِدٌ يُحْرِقُ كَمَا تُحْرِقُ النَّارُ ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا الْحَمِيمُ الْمَاءُ الْحَارُّ ، وَالْغَسَاقُ مَا هَمِيَ وَسَالَ ، وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا " لَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غَسَاقٍ يَهَرَاقُ إِلَى الدُّنْيَا لَأَنْتَنَ أَهْلَ الدُّنْيَا " . قَوْلُهُ : " كَأَنَّ الْغَسَاقَ وَالْغَسَقَ وَاحِدٌ " هَكَذَا [ ص: 161 ] فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ : الْغَسَقُ بِفَتْحَتَيْنِ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ : الْغَسِيقُ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ ، وَقَدْ تَرَدَّدَ الْبُخَارِيُّ فِي كَوْنِ الْغَسَاقِ وَالْغَسَقِ وَاحِدًا ، وَلَيْسَ بِوَاحِدٍ ، فَإِنَّ الْغَسَاقَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمَعَانِي ، وَالْغَسَقُ : الظُّلْمَةُ ، يُقَالُ : غَسَقَ يَغْسَقُ غُسُوقًا ، فَهُوَ غَاسِقٌ إِذَا أَظْلَمَ وَأَغْسَقَ مِثْلُهُ .

أشار به إلى ما في قوله تعالى : إلا حميما وغساقا قوله : " يقال غسقت عينه " إذا سال منها الماء البارد ، وقال الجوهري : غسقت عينه : إذا أظلمت ، وغسق الجرح : إذا سال منه ماء أصفر ، ويقال : الغساق : الماء البارد المنتن ، يخفف ويشدد ، وقرأ أبو عمرو بالتشديد والكسائي بالتخفيف ، وقيل : الغساق قيح غليظ ، قاله عبد الله بن عمرو ، قال ابن دريد : هو صديدهم تصهرهم النار ، فيجتمع صديدهم في حياض فيسقونه ، وقال ابن فارس : الغساق ما يقطر من جلود أهل النار ، وقيل : بارد يحرق كما تحرق النار ، وقال أبو عبيدة في قوله تعالى : إلا حميما وغساقا الحميم الماء الحار ، والغساق ما همي وسال ، وفي حديث الترمذي والحاكم عن أبي سعيد مرفوعا " لو أن دلوا من غساق يهراق إلى الدنيا لأنتن أهل الدنيا " . قوله : " كأن الغساق والغسق واحد " هكذا [ ص: 161 ] في رواية الأكثرين : الغسق بفتحتين ، وفي رواية أبي ذر : الغسيق على وزن فعيل ، وقد تردد البخاري في كون الغساق والغسق واحدا ، وليس بواحد ، فإن الغساق ما ذكرناه من المعاني ، والغسق : الظلمة ، يقال : غسق يغسق غسوقا ، فهو غاسق إذا أظلم وأغسق مثله .