الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3092 72 - حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال : حدثني مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ، قيل : يا رسول الله ، إن كانت لكافية ، قال : فضلت عليها بتسعة وستين جزءا ، كلهن مثل حرها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان ، والأعرج عبد الرحمن بن هرمز .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ناركم " مبتدأ ، وقوله : " جزء من سبعين جزءا " خبره ، وكلمة " من " في " من نار جهنم " للتبيين ، وفي معنى التبعيض أيضا ، وفي رواية مسلم " ناركم جزء واحد من سبعين جزءا " وفي رواية أحمد " من مائة جزء " والجمع بينهما أن الحكم للزائد ، وروى ابن ماجه من حديث أنس مرفوعا " ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم " ولولا أنها أطفئت بالماء مرتين ما انتفعتم بها ، وإنها لتدعو الله عز وجل أن لا يعيدها فيها " وذكر ابن عيينة في جامعه من حديث ابن عباس " هذه النار قد ضرب بها البحر سبع مرات ، ولولا ذلك ما انتفع بها أحد " وعن ابن مسعود " ضرب بها البحر عشر مرات " وسئل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أيضا عن نار الدنيا مم خلقت ؟ قال : من نار جهنم ، غير أنها طفئت بالماء سبعين مرة ، ولولا ذلك ما قربت ; لأنها من نار جهنم ، ومعنى قوله : " جزء من سبعين جزءا " أنه لو جمع كل ما في الوجود من النار التي يوقدها الآدميون لكانت جزءا من أجزاء نار جهنم المذكورة ، بيانه لو جمع حطب الدنيا وأوقد كله حتى صارت نارا لكان الجزء الواحد من أجزاء نار جهنم الذي هو من سبعين جزءا أشد منه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " إن كانت لكافية " كلمة إن هذه مخففة من الثقيلة عند البصريين ، وهذه اللام هي المفرقة بين إن النافية وإن المخففة من الثقيلة ، والمعنى : إن نار الدنيا كانت كافية لتعذيب الجهنميين ، وهي عند الكوفيين بمعنى ما ، واللام بمعنى إلا ، تقديره عندهم : ما كانت إلا كافية . قوله : " قال " أي قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - في جوابهم ، بأن نار جهنم " فضلت عليها " أي على نار الدنيا ، ويروى " عليهن " كما فضلت عليها في المقدار والعدد بتسعة وستين جزءا ، فضلت عليها في الحر بتسعة وستين جزءا .

                                                                                                                                                                                  وقال الطيبي : ( فإن قلت ) : كيف طابق لفظ فضلت وعليهن جوابا ، وقد علم هذا التفضيل من كلامه السابق .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : معناه المنع من الكفاية ، أي لا بد من التفضيل ليتميز عذاب الله من عذاب الخلق ، وروى ابن المبارك ، عن معمر ، عن محمد بن المنذر ، قال : لما خلقت النار فزعت الملائكة ، وطارت أفئدتهم ، ولما خلق آدم عليه الصلاة والسلام سكن ذلك عنهم ، وقال ميمون بن مهران : لما خلق الله جهنم أمرها فزفرت زفرة ، فلم يبق في السماوات السبع ملك إلا خر على وجهه ، فقال لهم الرب : ارفعوا رؤوسكم ، أما علمتم أني خلقتكم للطاعة ، وهذه خلقتها لأهل المعصية ، قالوا : ربنا لا نأمنها حتى نرى أهلها ، فذلك قوله تعالى : هم من خشية ربهم مشفقون وعن عبد الله بن عمر مرفوعا " إن تحت البحر نارا " قال عبد الله : البحر طبق جهنم ، ذكره ابن عبد البر ، وضعفه ، وفي تفسير ابن النقيب في قوله تعالى : يوم تبدل الأرض تجعل الأرض جهنم والسماوات الجنة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية