الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1391 (وقال أبو حميد: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لأعرفن ما جاء الله رجل ببقرة لها خوار، ويقال: جؤار، " تجأرون " ترفعون أصواتكم كما تجأر البقرة).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن الحديث يتضمن الوعيد فيمن لم يؤد زكاة البقر، فيدل على وجوب زكاة البقر، وقد قلنا: إن التقدير في الترجمة: باب في بيان إيجاب زكاة البقر، وهذا التعليق قطعة من حديث ابن اللتيبة، أخرجه مسندا موصولا من طرق، وهذا القدر وقع عنده موصولا في كتاب ترك الحيل.

                                                                                                                                                                                  وأبو حميد بضم الحاء الساعدي الأنصاري، قيل: اسمه عبد الرحمن. وقيل: المنذر بن سعد، مر في استقبال القبلة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "لأعرفن" أي لأعرفنكم غدا على هذه الحالة، وفي رواية الكشميهني: "لا أعرفن" بحرف النفي، أي: ما ينبغي أن تكونوا على هذه الحالة فأعرفكم بها، قال القاضي: رواية النفي أشهر، ورواية "لأعرفن" أكثر، رواه مسلم.

                                                                                                                                                                                  قوله: "ما جاء الله رجل" كلمة ما مصدرية، ولفظة "الله" منصوبة بقوله "جاء" ورجل مرفوع؛ لأنه فاعل جاء، وهذه الجملة في محل النصب على أنها مفعول قوله: "لأعرفن" وتقدير الكلام: لأعرفن مجيء رجل إلى الله يوم القيامة ببقرة لها خوار -بضم الخاء المعجمة وبغير الهمزة- وهو صوت البقر.

                                                                                                                                                                                  قوله: "ويقال: جؤار" من كلام البخاري، أي: يقال: جؤار -بضم الجيم وبالهمزة- موضع خوار بضم الخاء المعجمة.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن الأثير: المشهور بالخاء المعجمة، وأما الجؤار بالجيم والهمزة فمعناه رفع الصوت والاستغاثة، من جأر يجأر جأرا وجؤارا إذا رفع صوته مع تضرع واستغاثة، قاله في المحكم.

                                                                                                                                                                                  وقال ثعلب: هو رفع الصوت بالدعاء، وفي كتاب الوحوش للكرنبائي: الخوار غير مهموز، والجؤار مهموز، وهما سواء.

                                                                                                                                                                                  قوله: "تجأرون" أشار به إلى المذكور في القرآن في سورة المؤمنين، معناه: ترفعون أصواتكم، وقد جرت عادة البخاري إذا وقف على لفظة غريبة تطابق كلمة في القرآن نقل تفسير تلك الكلمة التي من القرآن؛ تكثيرا للفائدة، وتنبيها على ما وقع من ذلك في القرآن.

                                                                                                                                                                                  وقد روى ابن أبي حاتم هذا التفسير عن السدي، وروى أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: "تجأرون" قال: تستغيثون.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية