الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1482 150 - حدثنا المكي بن إبراهيم، عن ابن جريج، قال عطاء: قال جابر رضي الله عنه أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه أن يقيم على إحرامه، وذكر قول سراقة.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا أن يقيم على إحرامه) وذلك أنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن، والنبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وكان قد أرسله إلى اليمن قبل حجة الوداع، وكان علي أحرم كإحرام النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: "بم أهللت؟ فقال: بإهلالك يا رسول الله" فأمره أن يقيم على إحرامه، ولا يحل; لأنه كان معه هدي.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله): وهم أربعة:

                                                                                                                                                                                  الأول: المكي بن إبراهيم بن بشير بن فرقد الحنظلي التميمي البلخي أبو السكن، وهو من جملة من روى عن أبي حنيفة رضي الله عنه، مات سنة أربع عشرة ومائتين ببلخ، وقد قارب مائة سنة.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني: هو المنسوب إلى مكة [ ص: 186 ] المشرفة، وقد اعترض عليه بعضهم بأن قال: منسوب إلى مكة، وليس كذلك، بل هو اسمه، وهو من بلخ.

                                                                                                                                                                                  (قلت): أراد به الكرماني أنه على صورة النسبة إلى مكة، ولم يدع أنه منسوب إلى مكة حقيقة.

                                                                                                                                                                                  الثاني: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.

                                                                                                                                                                                  الثالث: عطاء بن أبي رباح.

                                                                                                                                                                                  الرابع: جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده): فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع.

                                                                                                                                                                                  وفيه العنعنة في موضع.

                                                                                                                                                                                  وفيه القول في موضعين.

                                                                                                                                                                                  وفيه أن شيخه بلخي وأن ابن جريج وعطاء مكيان.

                                                                                                                                                                                  وفيه: قال عطاء وقال جابر، وهو صورة التعليق، وهو من رباعيات البخاري.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه):

                                                                                                                                                                                  قوله: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا أن يقيم على إحرامه) وذلك حين قدم علي من اليمن، كما ذكرناه الآن، وأمره أن يقيم على إحرامه الذي كان أحرم به كإحرام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يحل; لأن معه الهدي.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وذكر قول سراقة) أي: ذكر جابر في حديثه قول سراقة.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني: فاعل ذكر إما المكي وإما جابر، فقائله إما البخاري وإما عطاء.

                                                                                                                                                                                  وسراقة بضم السين المهملة وتخفيف الراء، بعد الألف قاف، ابن مالك بن جعشم -بضم الجيم، وسكون العين المهملة، وضم الشين المعجمة، وقيل: بفتحها- الكناني -بالنونين- المدلجي بضم الميم، وسكون الدال المهملة، وكسر اللام، وبالجيم - الحجازي، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر حديثا، روى البخاري منها واحدا، مات في أول خلافة عثمان رضي الله عنه سنة أربع وعشرين.

                                                                                                                                                                                  وقول سراقة ما ذكره البخاري في باب عمرة التنعيم من حديث حبيب المعلم عن عطاء (حدثني جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هو وأصحابه بالحج، وليس مع أحد منهم هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة، وكان علي رضي الله عنه قدم من اليمن، ومعه هدي) الحديث.

                                                                                                                                                                                  وفيه (أن سراقة لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة وهو يرميها، فقال: ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟ قال: لا، بل لأبد الأبد) ورواه مسلم في (صحيحه) عن محمد بن حاتم، حدثنا يحيى القطان، أخبرنا ابن جريج (أخبرني عطاء، سمعت جابرا قال: قدم علي رضي الله عنه من سعايته، فقال: بم أهللت؟ قال: بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: فامكث حراما. قال: وأهد له هديا، فقال سراقة بن مالك بن جعشم: يا رسول الله، لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: لأبد)، فقال صاحب (التلويح) وذكره البخاري أيضا في باب بعث النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب، وخالد بن الوليد رضي الله تعالى عنهما من (كتاب المغازي) عن المكي بسنده، ولم يذكر المزني رحمه الله تعالى، ولا من سلفه، أن البخاري رضي الله تعالى عنه خرجه فيه، وهو ثابت فيه فيما رأيت من نسخ البخاري رحمه الله تعالى.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية