الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1573 241 - حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق الهمداني، عن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن أكثر ما كنا قط وآمنه بمنى ركعتين. [ ص: 299 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 299 ] أخرجه هناك فقال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال: أنبأنا أبو إسحاق قال: سمعت حارثة بن وهب قال: "صلى بنا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم آمن ما كان بمنى ركعتين" وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني المشهور بالسبيعي الكوفي، وحارثة بالحاء المهملة وبالراء والثاء المثلثة، والخزاعي بضم الخاء المعجمة وتخفيف الزاي وبالعين المهملة نسبة إلى خزاعة، حي من الأزد.

                                                                                                                                                                                  قوله: "ونحن ما كنا أكثر" جملة وقعت حالا، فقوله "نحن" مبتدأ، وكلمة "ما" نافية خبره، وقوله "أكثر" منصوب على أنه خبر كان، وكلمة قط متعلقة بمحذوف، والتقدير: ونحن ما كنا قط في وقت أكثر منا في ذلك الوقت ولا آمن منا فيه، ويجوز أن تكون ما مصدرية، ومعناه الجمع؛ لأن ما أضيف إليه أفعل يكون جمعا.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وآمنه" عطف على أكثر والضمير فيه يرجع إلى ما، والتقدير صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والحال أنا أكثر أكواننا في سائر الأوقات عددا وأكثر أكواننا في سائر الأوقات أمنا، وإسناد الأمن إلى الأوقات مجاز، قيل: وعلى هذا كما قلنا: قط متعلق بمحذوف; لأن قط يختص بالماضي المنفي ولا منفي هاهنا، تقديره: ما كنا أكثر من ذلك ولا آمنه قط.

                                                                                                                                                                                  قلت: قال ابن مالك: استعمال قط غير مسبوقة بالنفي مما خفي على كثير من النحويين، وقد جاء في هذا الحديث بدونه وله نظائر، وقيل: إنه بمعنى أبدا على سبيل المجاز.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني: قوله: "وآمنه" بالرفع، ويجوز النصب بأن يكون فعلا ماضيا، وفاعله الله تعالى.

                                                                                                                                                                                  قلت: فحينئذ يكون ضمير المفعول هو النبي صلى الله عليه وسلم، والتقدير: وآمن الله تعالى نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم حينئذ.

                                                                                                                                                                                  وقال الطيبي: هذا على أن يكون "أكثر" خبر كان؛ إذ لا يستقيم أن يعطف "وآمنه" على "أكثر" وهو متعسف جدا.

                                                                                                                                                                                  قوله: "بمنى" أي في منى، والعامل فيه قوله صلى.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية