الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1500 167 - حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثني معن، قال: حدثني مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل مكة من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى. [ ص: 209 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 209 ] مطابقته للترجمة من حيث إنه جواب للسؤال الذي فيها.

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله: وهم خمسة، والكل قد ذكروا، وإبراهيم بن المنذر أبو إسحاق الحزامي المديني من أفراده، ومعن بفتح الميم وسكون العين المهملة ابن عيسى بن يحيى أبو يحيى القزاز بالقاف وتشديد الزاي الأولى المدني.

                                                                                                                                                                                  قوله: (من الثنية العليا) يعني يدخل مكة من الثنية العليا التي ينزل منها إلى المعلى مقبرة أهل مكة، يقال لها: كداء بالفتح والمد، ويخرج من الثنية السفلى وهي التي أسفل مكة عند باب شبيكة، يقال لها كدى بضم الكاف مقصور، بقرب شعب الشاميين وشعب ابن الزبير عند قعيقعان.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن المواز كدى التي دخل منها صلى الله عليه وسلم هي العقبة الصغرى التي بأعلى مكة التي يهبط منها على الأبطح، والمقبرة منها على يسارك، وكذا التي خرج منها هي العقبة الوسطى التي بأسفل مكة، وعند أبي ذر القصر في الأول مع الضم، وفي الثاني الفتح مع المد، عن عروة من حديث عبد الوهاب "أكثر ما يدخل من كدى" مضموم مقصور للأصيلي والحموي وأبي الهيثم، ومفتوح مقصور للقابسي والمستملي، ومن حديث أبي موسى "دخل من كدى" مقصور مضموم، وعند محمد "دخل من كدى وخرج من كدى" كذا لكافتهم، وللمستملي عكس ذلك وهو أشهر، وعند مسلم "دخل يوم الفتح من كداء من أعلاها" بالمد للرواة، إلا السمرقندي فعنده كدى بالضم والقصر.

                                                                                                                                                                                  وقال القرطبي: اختلف في ضبط هاتين الكلمتين، والأكثر منهم على أن العليا بالفتح والمد والسفلى بالضم والقصر، وقيل بالعكس.

                                                                                                                                                                                  والحكمة في الدخول من العليا والخروج من السفلى أن نداء أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان من جهة العلو، وأيضا فالعلو تناسب للمكان العالي الذي قصده، والسفلى تناسب لمكانه الذي يذهب إليه.

                                                                                                                                                                                  وقيل: إن من جاء من هذه الجهة كان مستقبلا للبيت، وقيل: لأنه صلى الله عليه وسلم لما كان خرج مختفيا من العليا أراد أن يدخلها ظاهرا.

                                                                                                                                                                                  وقيل: ليتبرك به كل من في طريقته ويدعو لهم.

                                                                                                                                                                                  وقيل: ليغيظ المنافقين بظهور الدين وعز الإسلام.

                                                                                                                                                                                  وقيل: ليري السعة في ذلك.

                                                                                                                                                                                  وقيل: فعله تفاؤلا بتغير الحال إلى أكمل منه كما فعل في العيد وليشهد له الطريقان.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية