الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2166 1 - ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - nindex.php?page=hadith&LINKID=652125أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=treesubj&link=24491_33647_5750مطل الغني ظلم ، فإذا أتبع أحدكم على ملي فليتبع ) .
مطابقته للترجمة في قوله : فإذا أتبع إلى آخره ، nindex.php?page=showalam&ids=11863وأبو الزناد بكسر الزاي وتخفيف النون هو عبد الله بن ذكوان ، nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز ، وقد تكرر ذكرهما .
والحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في البيوع عن nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة ، nindex.php?page=showalam&ids=14061والحارث بن مسكين كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم أربعتهم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك به ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الحوالة عن nindex.php?page=showalam&ids=14906محمد بن يوسف عن سفيان ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في البيوع عن nindex.php?page=showalam&ids=15573بندار عن nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي عن سفيان ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا وابن [ ص: 110 ] ماجه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس بن عبيد عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=690439مطل الغني ظلم ، وإذا أحيل أحدكم على ملي فليحتل " ، وعن الشريد بن سويد ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من رواية محمد بن ميمون بن مسيكة عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=678931لي الواجد يحل عرضه وعقوبته ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=652125مطل الغني ظلم ، وإذا أتبع أحدكم على ملي فليتبع " .
( ذكر معناه ) قوله : " مطل الغني ظلم " المطل في الأصل من قولهم : مطلت الحديدة أمطلها إذا مددتها لتطول ، وفي المحكم المطل التسويف بالعدة والدين ، مطله حقه وبه يمطله مطلا فامطل ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14986القزاز : والفاعل ماطل ومماطل ، والمفعول ممطول ومماطل ، تقول : ماطلني ومطلني حقي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : المطل عدم قضاء ما استحق أداؤه مع التمكن منه ، وقال الأزهري : المطل المدافعة وإضافة المطل إلى الغني إضافة المصدر للفاعل هنا ، وإن كان المصدر قد يضاف إلى المفعول لأن المعنى أنه يحرم على الغني القادر أن يمطل بالدين بعد استحقاقه بخلاف العاجز ومنهم من قال أنه مضاف للمفعول ، والمعنى أنه يجب وفاء الدين ولو كان مستحقه غنيا ، ولا يكون غناه سببا لتأخيره حقه عنه ، فإذا كان كذلك في حق الغني فهو في حق الفقير أولى ، وفيه تكلف وتعسف ، وفي رواية ابن عيينة عن أبي الزناد عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه : المطل ظلم الغني ، والمعنى أنه من الظلم أطلق ذلك للمبالغة في التنفير عن المطل ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14033الجوزقي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17257همام عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=652125إن من الظلم مطل الغني ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : الظلم وضع الشيء في غير موضعه لغة ، وفي الشرع : هو محرم مذموم ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ترد شهادة الملي إذا مطل لكونه سمي ظالما ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بشرط التكرار ، قوله : " فإذا أتبع " ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : هو بضم الهمزة وسكون التاء المثناة من فوق وكسر الباء الموحدة مبنيا لما لم يسم فاعله عند الجميع ، وقوله : " فليتبع " بالتخفيف من تبعت الرجل بحقي أتبعه تباعة بالفتح إذا طلبته ، وقيل : فليتبع بالتشديد والأول أجود عند الأكثر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : أن أكثر المحدثين يقولونه بالتشديد ، والصواب التخفيف ، ومعناه إذا أحيل فليحتل ، وقد رواه بهذا اللفظ nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بلفظ فإذا أحلت على ملي فاتبعه ، وهذا بتشديد التاء بلا خلاف ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : الأشهر في الروايات وإذا أتبع يعني بالواو ولأنهما جملتان لا تعلق لإحداهما بالأخرى ، وغفل عما في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هنا ، فإنه بالفاء في جميع الروايات ، وهو كالتوطئة والعلة لقبول الحوالة .
( فإن قلت ) رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بالواو وكذا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الباب الذي بعده ( قلت ) نعم لكن قال : ومن أتبع ، وقوله : لي الواجد ، قال ابن التين : لي الواجد بفتح اللام وتشديد الياء أي مطله ، يقال : لواه بدينه ليا وليانا ، وأصل لي لوي اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء ، والواجد بالجيم : الغني الذي يجد ما يقضي به دينه .
قوله : يحل عرضه أي لومه وعقوبته أي حبسه هذا تفسير سفيان والعرض موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو في سلفه أو من يلزمه أمره ، وقيل : هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ويحامي عنه أن ينتقص ويثلب ، وقال ابن قتيبة : عرض الرجل نفسه وبدنه لا غير ، وفي الفصيح العرض : ريح الرجل الطيبة أو الخبيثة ، ويقال : هو نقي العرض أي بريء من أن يشتم أو يعاب ، وقال ابن خالويه : العرض الجلد ، يقال : هو نقي العرض ، أي لا يعاب بشيء ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك : يحل عرضه يغلظ عليه ، وعقوبته يحبس به .
( ذكر ما يستفاد منه ) فيه nindex.php?page=treesubj&link=24491الزجر عن المطل ، واختلف هل يعد فعله عمدا كبيرة أم لا ، فالجمهور على أن فاعله يفسق لكن هل يثبت فسقه بمطله مرة واحدة أم لا ، قال النووي : مقتضى مذهبنا اشتراط التكرار ، ورد عليه السبكي في شرح المنهاج بأن مقتضى مذهبنا عدمه ، واستدل بأن منع الحق بعد طلبه وانتفاء العذر عن أدائه كالغصب ، والغصب كبيرة ، وتسميته ظلما يشعر بكونه كبيرة ، والكبيرة لا يشترط فيها التكرار ، نعم لا يحكم عليه بذلك إلا بعد أن يظهر عدم عذره انتهى ، وفيه أن العاجز عن الأداء لا يدخل في المطل ، وفيه أن nindex.php?page=treesubj&link=24308_24493_24492المعسر لا يحبس ولا يطالب حتى يوسر ، وقيل : لصاحب [ ص: 111 ] الحق أن يحبسه ، وقيل : يلازمه ، وفيه أمر بقبول الحوالة ، فمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يستحب له القبول ، وقيل : الأمر فيه للوجوب ، وهو مذهب داود ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد روايتان الوجوب والندب ، والجمهور على أنه ندب لأنه من باب التيسير على المعسر ، وقيل : مباح ، ولما سأل nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا عنه قال هذا أمر ترغيب وليس بإلزام ، وينبغي له أن يطيع سيدنا رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - بشرط أن يكون بدين وإلا فلا حوالة لاستحالة حقيقتها إذ ذاك وإنما يكون حمالة ، وفي التوضيح : ومن شرطها تساوي الدينين قدرا ووصفا وجنسا كالحلول والتأخير ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد : ومنهم من أجازها في الذهب والدراهم فقط ومنعها في الطعام ، وأجاز nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إذا كان الطعامان كلاهما من قرض إذا كان دين المحال حالا ، وأما إن كان أحدهما من سلم فإنه لا يجوز إلا أن يكون الدينان حالين ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم وغيره من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يجوز ذلك إذا كان الدين المحال به حالا ، ولم يفرق بين ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لأنه كالبيع في ضمان المستقرض ، وأما nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة فأجاز الحوالة بالطعام وشبهه بالدراهم ، وفي التلويح : وجمهور العلماء على أن الحوالة ضد الحمالة في أنه إذا أفلس المحال عليه لم يرجع صاحب الدين على المحيل بشيء ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يرجع صاحب الدين على المحيل إذا nindex.php?page=treesubj&link=5812مات المحال عليه مفلسا أو حكم بإفلاسه أو جحد الحوالة ولا بينة له ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13269ابن شريح وعثمان البتي وجماعة ، وقد مر في أول الباب ، وفي الروضة للنووي : أما المحال عليه فإن كان عليه دين للمحيل لم يعتبر رضاه على الأصح ، وإن لم يكن لم يصح بغير رضاه قطعا وبإذنه وجهان ، وفي الجواهر للمالكية : أما المحال عليه فلا يشترط رضاه ، وفي بعض كتب المالكية : يشترط رضاه إذا كان عدوا وإلا فلا ، وأما المحيل فرضاه شرط عندنا وعندهم ; لأنه الأصل في الحوالة وفي العيون والزيادات ليس بشرط ، وقال صاحب التلويح : ورئي بخط بعض الفضلاء في قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=652125مطل الغني ظلم ، دلالة على أن الحوالة إنما تكون بعد حلول الأجل في الدين لأن المطل لا يكون إلا بعد الحلول .
وفيه nindex.php?page=treesubj&link=24490_24492ملازمة المماطل وإلزامه بدفع الدين والتوصل إليه بكل طريق وأخذه منه قهرا .