الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2210 قال عروة : قضى به عمر رضي الله عنه في خلافته

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي قال عروة بن الزبير بن العوام قضى بالحكم المذكور ، وهو أن من أحيى أرضا ميتة ، فهي له عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في أيام خلافته ، وقد تقدم في أول الباب عن عمر رضي الله تعالى عنه : من أحيى أرضا ميتة ، فهي له ، وقد ذكرنا أن مالكا وصله ، وهذا قوله ، والذي رواه عروة فعله ، وفي كتاب الخراج ليحيى بن آدم من طريق محمد بن عبيد الله الثقفي قال : كتب عمر بن الخطاب من أحيى مواتا من الأرض ، فهو أحق به . وروى من وجه آخر عن عمرو بن شعيب أو غيره أن عمر رضي الله تعالى عنه قال : من عطل أرضا ثلاث سنين لم يعمرها ، فجاء غيره فعمرها ، فهي له ، وعنه قال أصحابنا : إنه إذا حجر أرضا ، ولم يعمرها ثلاث سنين أخذها الإمام ودفعها إلى غيره ; لأن التحجير ليس بإحياء ليتملكها به ; لأن الإحياء هو العمارة ، والتحجير للإعلام ، وذكر في المحيط أنه يصير ملكا للمحجر ، وذكر خواهر زاده أن التحجير يفيد ملكا مؤقتا إلى ثلاث سنين ، وبه قال الشافعي في الأصح وأحمد ، والأصل عندنا أن من أحيى مواتا هل يملك رقبتها ، قال بعضهم : لا يملك رقبتها وإنما يملك استغلالها ، وبه قال الشافعي في قول . وعند عامة المشايخ : يملك رقبتها ، وبه قال مالك ، وأحمد والشافعي في قول ، وثمرة الخلاف فيمن أحياها ثم تركها ، فزرعها غيره ، فعلى قول البعض : الثاني أحق بها ، وعلى قول العامة : الأول ينزعها من الثاني ، كمن أخرب داره أو عطل بستانه وتركه حتى مرت عليه سنون ، فإنه لا يخرج عن ملكه ولكن إذا حجرها ولم يعمرها ثلاث سنين يأخذها الإمام كما ذكرنا ، وتعيين الثلاث بأثر عمر رضي الله تعالى عنه ، ثم عندنا يملكه الذمي بالإحياء كالمسلم ، وبه قال مالك ، وأحمد في رواية . وقال الشافعي ، وأحمد في رواية : لا يملكه في دار الإسلام ، وسواء في ذلك الحربي والذمي والمستأمن ، واستدل الشافعي بحديث أسمر بن مضرس ، وقد ذكرناه عن قريب ، واستدل أصحابنا بعموم الأحاديث الواردة في هذا الباب ، وحكى الرافعي عن الأستاذ أبي طاهر أن الذمي يملك بالإحياء إذا كان بإذن الإمام .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية