( ويمتنع استدلال به ) أي بالتواتر ( على من لم يحصل له به علم ) يعني أنه لو حصل التواتر عند جماعة ولم يحصل عند آخرين ، امتنع ; لأنه يقول : ما تدعيه من التواتر غير مسلم فلا أسمعه ; لأنه ليس بمتواتر عندي ( و ) يمتنع ( كتمان أهله ) أي أهل التواتر ( ما ) أي شيئا ( يحتاج إلى نقله ك ) امتناع ( كذب على عددهم ) أي عدد الحاصل العلم بهم في التواتر ( عادة ) أي في العادة . وهاهنا مسألتان ، الأولى : امتناع الاستدلال بالتواتر عند من حصل له على من لم يحصل له العلم به ، خلافا كتمان أهل التواتر ما يحتاج إلى نقله للرافضة ، حيث قالوا : لا يمتنع ذلك ، لاعتقادهم كتمان النص على إمامة رضي الله عنه . وهذا [ ص: 262 ] لا يعتقده مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر ، أن يكون خير القرون الذين رضي الله عنهم وشهد لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم بالجنة ، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه عنهم بأنه رضي عنهم ، يعلمون أن الإمامة يستحقها علي رضي الله عنه ، ويكتمون ذلك فيما بينهم ويولون غيره . وهذا من أمحل المحال الذي لا يرتاب فيه مسلم . ولكن هذا من بهت علي الرافضة عليهم من الله تعالى ما يستحقون ، ولأن هذا في القبح كتواطئهم على الكذب ، وهو محال . المسألة الثانية : امتناع عادة ، وهو ممنوع في العادة ، وإن كان لا يحيله العقل . وهذا مأخذ المسألة المتقدمة في جواز ما يحتاج إلى نقله ; لأنه إذا جاز الكذب فالكتمان أولى . والأصح عدم جوازه عادة لا لذاته ، ولا يلزم من فرض وقوعه محال ( ولا يشترط إسلامهم ) أي الكذب على عدد التواتر . واشترط إسلام العدد المشروط في التواتر ابن عبدان من الشافعية الإسلام والعدالة أيضا . لأن الكفر والفسوق عرضة للكذب والتحريف . وأيضا لو لم يشترط ذلك ، لأفاد إخبار النصارى بقتل المسيح ، وهو باطل بقوله تعالى وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " وبالإجماع . وأجيب : بمنع حصول شرط التواتر للاختلال في الطبقة الأولى ، لكونهم لم يبلغوا عدد التواتر ، ولأنهم رأوه من بعيد أو بعد صلبه ، فشبه لهم . وللاختلال في الوسط بقصور الناقلين عن عدد التواتر أو في شيء مما بينهم وبين الناقلين إلينا من عدد التواتر ; لأن بخت نصر قد قتل النصارى حتى لم يبق منهم إلا دون عدد التواتر . وكذا الجواب عن إخبار الإمامية بالنص على إمامة رضي الله عنه ( ولو طال الزمن ) بين وقوع المخبر به وبين الإخبار ( ولا ) يشترط أيضا ( أن لا يحويهم بلد ولا يحصيهم عدد ) قال علي ابن مفلح : وشرط طوائف من الفقهاء أن لا يحويهم بلد ولا يحصيهم عدد ، وهو باطل . لأن أهل الجامع لو أخبروا عن سقوط المؤذن من المنارة ، أو الخطيب عن المنبر ، لكان إخبارهم مفيدا للعلم فضلا عن أهل بلد ( ولا ) يشترط أيضا فيهم ( اختلاف نسب و ) لا اختلاف ( دين و ) لا اختلاف ( وطن ) قال ابن مفلح : وشرط قوم [ ص: 263 ] اختلاف النسب والدين والوطن لتندفع التهمة ، وهو أيضا باطل ; لأن التهمة لو حصلت لم يحصل العلم ، سواء كانوا على دين واحد ، ومن نسب واحد وفي وطن واحد ، أو لم يكونوا كذلك . وإن ارتفعت حصل العلم كيف كانوا ( ولا ) يشترط أيضا ( إخبارهم طوعا ) قال ابن مفلح : وشرط قوم إخبارهم طوعا ، وهو باطل .
فإن الصدق لا يمتنع حصول العلم به ، وإلا فات الشرط ( ولا ) يشترط أيضا ( أن لا يعتقد ) المخبر ( خلافه ) أي نقيض المخبر به . قال ابن مفلح : وشرط من المرتضى الشيعة - وهو أبو القاسم الموسوي - عدم اعتقاد نقيض المخبر . قال : لأن اعتقاد النقيض محال والطارئ أضعف من المستقر ، فلا يرفعه . وهو باطل أيضا ، بل يحصل العلم سواء كان السامع يعتقد نقيض المخبر به أو لا . فلا يتوقف العلم على ذلك ( ومن حصل بخبره علم بواقعة لشخص حصل ) العلم ( بمثله ) أي بمثل ذلك الخبر ( بغيرها ) أي بغير تلك الواقعة ( لآخر ) أي لشخص آخر . قال في شرح التحرير : وقول أبي الحسين : من حصل بخبره علم بواقعة لشخص حصل بمثله بغيرها لشخص آخر صحيح ، ثم قال : إن تساويا من كل وجه . فلأجل هذا قلنا ( مع تساو من كل وجه ) قال : وهو بعيد عادة . وسبقه باشتراط التساوي والباقلاني ابن قاضي الجبل