( و ) يجوز ، ثم إن كان قطعيا خص به العام قطعا . قاله تخصيص اللفظ العام أيضا ( بالقياس ) قطعيا كان أو ظنيا الإبياري في شرح البرهان وغيره ، وإن كان ظنيا . فالذي عليه الأئمة الأربعة والأشعري والأكثر : جواز التخصيص به . وعند ابن سريج والطوفي من أصحابنا : يخصص القياس الجلي دون غيره . وهو قول جماعة من الشافعية .
واختلفوا في تفسير الجلي والخفي . فقيل : الجلي قياس العلة . والخفي قياس الشبه .
وقيل : الجلي : ما تبادرت علته إلى الفهم عند سماع الحكم . كتعظيم الأبوين عند سماع قوله تعالى { فلا تقل لهما أف } وقيل : الجلي ما ينقض قضاء القاضي بخلافه والخفي خلافه ، وقال : يخص بالقياس إن كان العام مخصصا . فقال : إن ابن أبان . جاز تخصيصه بالقياس وإلا فلا . وحكي عن خص العام بغير القياس . أبي حنيفة
ومنع قوم خاصة . وعزي إلى الحنفية ; لأن التخصيص عندهم نسخ . ولا ينسخ القرآن بالقياس ولو كان جليا . واستدل للتخصيص بالقياس بأن القياس خاص لا يحتمل التخصيص . وفيه جمع بينهما ، فقدم التخصيص به ( ويصرف به ) أي بالقياس معنى ( ظاهر غير عام ) من أحد معنيين يحتملهما لفظ واحد ، هو في أحدهما ظاهر وفي الآخر مرجوح ( إلى احتمال مرجوح ) أي إلى المعنى الذي هو مرجوح لكون اللفظ غير ظاهر فيه لأجل موافقته القياس ( وهذه المسألة ونحوها ) وهي صرف الظاهر إلى المحتمل المرجوح ( ظنية ) لأن أدلتها ظنية لا قطعية . فتكون من ظاهر باب الظنون . وخالف التخصيص بالقياس في القرآن ، للقطع بالعمل بالظن الراجح ( وفعل الفريقين ) من الصحابة ( إذ قال ) النبي . ( صلى الله عليه وسلم ) لهم لما فرغ من الأحزاب وأمره الباقلاني جبريل عليه الصلاة والسلام بالمسير إلى بني قريظة ( { بني قريظة } . يرجع إلى تخصيص العموم بالقياس وعدمه ) . فإنه صلى الله عليه وسلم لما ذكر له : أن طائفة صلت في الطريق في الوقت ، وطائفة صلت في لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة بعد الوقت : لم يعب طائفة منهما . فمن أخر الصلاة حتى وصل إلى بني قريظة ، [ ص: 418 ] أخذ بعموم قوله { بني قريظة } ومن صلى في الوقت قبل أن يصل إلى لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة ، أخذ بأن المراد بقوله ذلك : التأكيد في سرعة المسير إليه ، لا في تأخير الصلاة عن وقتها ( والمصيب ) من الطائفتين ( المصلي في الوقت في قول ) اختاره الشيخ تقي الدين ، لكن المراد من ذلك : التأهب وسرعة المسير ، لا تأخير الصلاة . وقال : التمسك بالعموم هنا أرجح ، وأن المؤخر للصلاة حتى وصل ابن حزم بني قريظة هو المصيب في فعله . واختلاف العلماء في الراجح من الفعلين يدل على أن كلا من الطائفتين فعل ما فعله باجتهاد ، فلذلك لم يعنف النبي صلى الله عليه وسلم طائفة منهما .