وهو ( احتمال لفظ المستدل لأمرين فأكثر على السواء بعضها ) أي بعض الاحتمالات ، أو الاحتمالين ( ممنوع ) وذلك الممنوع هو الذي يحصل به المقصود ، وإلا لم يكن للتقسيم معنى ( وهو ) أي القدح بذلك ( وارد ) عندنا وعند الأكثر ( وبيانه ) أي بيان كون ما ذكره المستدل ممنوعا ( على المعترض ) وذلك ( ك ) قول المستدل ( الصحيح في الحضر وجد السبب بتعذر الماء ) عليه ( فجاز ) له ( أن يتيمم ) ( فيقول ) المعترض ( السبب ) المبيح للتيمم ( تعذره ) أي تعذر الماء ( مطلقا ، أو ) تعذره ( في سفر ، أو ) تعذره في ( مرض ) ( فالأول ) الذي هو تعذره مطلقا ( ممنوع ، فهو منع بعد تقسيم ) وجوابه كالاستفسار قال الخامس من القوادح ( التقسيم ) ابن العراقي : وقولنا " على السواء " ; لأنه لو كان ظاهرا في أحدهما لوجب تنزيله عليه .
ومثاله في أكثر من اثنين لو قيل : امرأة بالغة عاقلة يصح منها النكاح كالرجل . [ ص: 546 ] فيقول المعترض : إما بمعنى أن لها تجربة ، أو أن لها حسن رأي وتدبير ، أو أن لها عقلا غريزيا . فالأول والثاني : ممنوعان . والثالث : مسلم ، لكن لا يكفي ; لأن الصغيرة لها عقل غريزي ، ولا يصح منها النكاح ، واختلف العلماء في قبول هذا السؤال . والصحيح : أنه يقبل ، لكن بعد ما يبين المعترض محل التردد .
والقول الثاني : أن سؤال الاستفسار يغني عنه ، فلا حاجة إليه ( وجوابه ) أي جواب هذا الاعتراض ( كالاستفسار ) أن يقول المستدل : لفظي الذي ذكرته محمول على المعنى الذي يؤدي للدلالة ، والدال على حمله على ذلك : اللغة أو العرف الشرعي ، أو العرف العام ، أو كونه مجازا راجحا بعرف الاستعمال ، أو بكون أحد الاحتمالات ظاهرا بسبب ما انضم إليه من القرينة من لفظ المستدل ، إن كان هناك قرينة لفظية ، أو حالية أو عقلية بحيث لا يحتاج إلى إثباته لغة ولا عرفا .
قال ابن مفلح بعد ذلك : ولو ذكر المعترض احتمالين لم يدل عليهما لفظ المستدل ، كقول المستدل : وجد سبب استيفاء القصاص فيجب ، فيقول المعترض : متى منع مانع الالتجاء إلى الحرم ، أو عدمه ؟ ، الأول ممنوع ، فإن أورده على لفظ المستدل لم يقبل لعدم تردد لفظ السبب بين الاحتمالين . وإن أورده على دعواه الملازمة بين الحكم ودليله فهو مطالبة بنفي المانع ، ولا يلزم المستدل . فإن استدل المعترض مع ذلك على وجود المعارض فيعارضه .