والمطالبة بتصحيح ذلك . قال السابع من القوادح ( منع كونه ) أي كون الوصف ( علة ) الآمدي ومن تبعه : هو ( أعظم الأسئلة ) لعموم وروده وتشعب مسالكه ( ويقبل ) لئلا يحتج المستدل بكل طرد ، وهو لعب ; ولأن الأصل عدم دليل القياس . خولف في ما نقل عن الصحابة ، أو أفاد الظن ، وليس القياس رد فرع إلى أصل بأي جامع كان ، بل بجامع مظنون ، وليس عجز المعارض عن إبطالها دليل صحتها للزوم صحة كل صورة دليل لعجزه . فهذا السؤال يعم كل ما يدعى أنه علة .
وطرقه كثيرة مختلفة ، ويقال له : سؤال المطالبة ، وحيث أطلقت المطالبة فلا يقصد في العرف سوى ذلك ، ومتى أريد غيره ذكر مقيدا ، فيقال : المطالبة بكذا ، ولو لم يقبل لأدى الحال إلى اللعب في التمسك بكل طرد من الأوصاف ، كالطول والقصر . فإن المستدل يأمن المنع ، ويتعلق بما شاء من الأوصاف . وقيل : لا يقبل ; لأن القياس رد فرع إلى أصل بجامع . وقد وجد . ففيم المنع ؟ ورده أن ذلك مظنون الصحة ، والوصف الطردي مظنون الفساد .
( وجوابه ) أي جواب منع كون الوصف علة ( ببيانه بأحد مسالكها ) أي بأن يثبت المستدل علية الوصف بأحد الطرق المفيدة للعلة ، من إجماع أو نص أو مناسبة ، أو غير ذلك من مسالك العلة . قال القاضي عضد الدين : وكل مسلك تمسك بها فيرد عليه ما هو شرطه ، أي ما يليق به من الأسئلة المخصوصة به . وقد نبه - أي - هاهنا على اعتراضات الأدلة الأخرى بتبعية اعتراضات القياس على سبيل الإيجاز ، ولا بأس أن نبسط فيه الكلام بعض البسط ; لأن البحث كما يقع في القياس يقع في سائر الأدلة . ومعرفة هذه المسألة نافعة في الموضعين . فنقول : ابن الحاجب . الصنف الأول : على الإجماع ، ولم يذكره الأسئلة بحسب ما يرد عليه من الإجماع والكتاب والسنة . وتخريج المناط : أربعة أصناف لقلته . ومثاله : ما قالت الحنفية في وطء الثيب : الإجماع على أنه لا يجوز الرد مجانا . فإن عمر وزيدا أوجبا [ ص: 548 ] نصف عشر القيمة ، وفي البكر عشرها ، وعلي منع الرد من غير نكير ، وهو ظني في دلالته وفي نقله ، ولولا أحدهما لما تصور في محل الخلاف . ابن الحاجب
والاعتراض على وجوه . الأول : منع وجود الإجماع لصريح المخالفة ، أو منع دلالة السكوت على الموافقة . الثاني : الطعن في السند ، بأن نقله فلان ، وهو ضعيف إن أمكنه . الثالث : المعارضة ، ولا تجوز بالقياس ، مثل : العيب يثبت الرد ، وتثبت علية العيب للرد بالمناسبة أو غيرها ، ولا بخبر واحد ، إلا إذا كانت دلالته قاطعة ، ولكن بإجماع آخر أو بمتواتر . الصنف الثاني على ظاهر الكتاب . كما إذا استدل في مسألة بقوله تعالى { بيع الغائب وأحل الله البيع } وهو يدل على صحة كل بيع . والاعتراض على وجوه . الأول : الاستفسار . وقد عرفته . الثاني : منع ظهوره في الدلالة ، فإنه خرج صور لا تحصى ، أو لا نسلم أن اللام للعموم ، فإنه يجيء للعموم والخصوص . الثالث : التأويل ، وهو أنه - وإن كان ظاهرا فيما ذكرت - لكن يجب صرفه عنه إلى محمل مرجوح ، بدليل يصيره راجحا . نحو قوله { } وهذا أقوى ; لأنه عام لم يتطرق إليه تخصيص ، أو التخصيص فيما قل . الرابع : الإجمال فإن ما ذكرناه من وجه الترجيح وإن لم يصيره راجحا فإنه يعارض الظهور ، فيبقى مجملا . نهى عن بيع الغرر
الخامس : المعارضة بآية أخرى ، نحو قوله تعالى { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } وهذا [ ما ] لم يتحقق فيه الرضى ، فيكون باطلا ، أو بحديث متواتر كما ذكرنا . السادس : منع القول بموجبه ، وهو تسليم مقتضى النص مع بقاء الخلاف . مثل أن يقول : سلمنا حل البيع ، والخلاف في صحته باق . فإنه ما أثبته . الصنف الثالث : ما يرد على ظاهر السنة ، كما إذا استدل بقوله { } على أن النكاح لا ينفسخ . والاعتراض عليه بالوجوه الستة المذكورة . أمسك أربعا ، وفارق سائرهن
الأول : الاستفسار . الثاني : منع الظهور إذ ليس فيما ذكرت من الخبر صيغة عموم ، أو ; لأنه خطاب لخاص ، أو ; لأنه ورد على سبب خاص . الثالث : التأويل بأن المراد : تزوج منهن أربعا بعقد جديد . فإن الطارئ كالمبتدإ في إفساد النكاح [ ص: 549 ] كالرضاع . الرابع : الإجمال كما ذكرنا . الخامس : المعارضة بنص آخر . السادس : القول بالموجب .
وهاهنا أسئلة تختص بأخبار الآحاد ، وهو الطعن في السند ، بأن يقول : هذا الخبر مرسل ، أو ضعيف ، أو في راويته قدح . فإن راويه ضعيف لخلل في عدالته أو ضبطه ، أو بأنه كذبه الشيخ ، فقال : لم يرو عني . مثاله : إذا قال الأصحاب { } قالت الحنفية : لا يصح ; لأن راويه المتبايعان كل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا . وقد خالفه . وإذا قلنا { مالك } قالوا : لا يصح ; لأنه يرويه أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها ، فنكاحها باطل سليمان بن موسى الدمشقي عن الزهري . فسئل الزهري ؟ فقال : لا أعرفه . الصنف الرابع : ما يرد على تخريج المناط . وهو ما تقدم من عدم الإفضاء ، أو المعارضة ، أو عدم الظهور أو عدم الانضباط ، وما تقدم من أنه مرسل أو غريب أو شبه ، وهذا الذي ذكره العضد بعينه في الإيضاح لأبي محمد الجوزي .