( وهو ) أي يعني أن المتأخرين اصطلحوا على أنهم إذا أطلقوا الكراهة ، فمرادهم التنزيه ، لا التحريم ، وإن كان عندهم لا يمتنع أن يطلق على الحرام ، لكن قد جرت عادتهم وعرفهم : أنهم إذا أطلقوه أرادوا التنزيه لا التحريم . وهذا مصطلح لا مشاحة فيه . المكروه ( في عرف المتأخرين : للتنزيه )
وهو كثير في كلام الإمام ( ويطلق ) المكروه ( على الحرام ) رضي الله تعالى عنه وغيره من المتقدمين . ومن كلامه " أكره المتعة ، أحمد " وهما محرمان ، لكن لو ورد عن الإمام والصلاة في المقابر الكراهة في شيء من غير أن يدل دليل من خارج على التحريم ولا على التنزيه : فللأصحاب فيها وجهان . أحدهما - واختاره أحمد وصاحبه الخلال عبد العزيز وابن حامد وغيرهم - أن المراد التحريم .
والثاني - واختاره جماعة من الأصحاب - أن المراد التنزيه . ومن كلام " أكره أحمد ، النفخ في الطعام " وكراهة ذلك للتنزيه . وقد ورد المكروه [ ص: 130 ] بمعنى الحرام في قوله تعالى ( { وإدمان اللحم والخبز الكبار كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها } ) ( وترك الأولى ، وهو ) أي ترك الأولى ( ترك ما فعله راجح ) على تركه ( أو عكسه ) وهو فعل ما تركه راجح على فعله ( ولو لم ينه عنه ) أي عن الترك ( كترك مندوب ) قال ابن قاضي الجبل : وتطلق الكراهة في الشرع بالاشتراك على الحرام ، وعلى ترك الأولى ، وعلى كراهة التنزيه . وقد يزاد : ما فيه شبهة وتردد ( ويقال لفاعله ) أي فاعل المكروه ( مخالف ، ومسيء ، وغير ممتثل ) مع أنه لا يذم فاعله ، ولا يأثم على الأصح . قال الإمام رضي الله تعالى عنه - فيمن زاد على التشهد الأول : وقال أحمد - فيمن ابن عقيل - : أساء لمخالفته . أمر بحجة أو عمرة في شهر ، ففعله في غيره
وذكر غيره - في - : أساء . وظاهر كلام بعضهم : تختص الإساءة بالحرام . فلا يقال : أساء إلا لفعل محرم . وذكر مأموم وافق إماما في أفعاله القاضي : يأثم بترك السنن أكثر عمره ، لقوله عليه الصلاة والسلام { وابن عقيل } متفق عليه . ولأنه متهم أن يعتقده غير سنة ، واحتجا بقول من رغب عن سنتي فليس مني رضي الله عنه - فيمن أحمد - : رجل سوء ، مع أنه سنة . قال في شرح التحرير : والذي يظهر : أن إطلاق الإمام ترك الوتر : أنه رجل سوء ، إنما مراده من اعتقد أنه غير سنة ، وتركه لذلك . فيبقى كأنه اعتقد السنة التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم غير سنة ، فهو مخالف أحمد
للرسول صلى الله عليه وسلم ومعاند لما سنه ، أو أنه تركه بالكلية ، وتركه له كذلك يدل على أن في قلبه ما لا يريده الرسول صلى الله عليه وسلم