[ جواز ] : المثال الثالث والخمسون : رد السنة الثابتة الصحيحة الصريحة المحكمة في الوتر بواحدة مفصولة كما في الصحيحين عن إفراد ركعة الوتر أنه { ابن عمر } . سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال : مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى
وفي الصحيحين أيضا من حديث : { عائشة } وفي صحيح كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة ، يسلم من كل ركعتين ، ويوتر بواحدة عن [ ص: 269 ] مسلم أبي مجلز قال : { عن الوتر ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ركعة من آخر الليل ابن عباس } . سألت
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { } فإذا صلى القاعد ركعتين وجب بهذا النص أن تعدل صلاة القائم ركعة ، فلو لم تصح لكانت صلاة القاعد أتم من صلاة القائم ، والاعتماد على الأحاديث المتقدمة ، وصح الوتر بواحدة مفصولة عن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم عثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأبي أيوب . ومعاوية بن أبي سفيان
وقال الحاكم أبو عبد الله : ثنا عبد الله بن سليمان ثنا ثنا أحمد بن صالح عن عبد الله بن وهب عن سليمان بن بلال عن صالح بن كيسان عبد الله بن الفضل عن عن الأعرج عن أبي سلمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة } رواه لا توتروا بثلاث تشبهوا بالمغرب ، أوتروا بخمس أو سبع ابن حبان في صحيحيهما ، وقال والحاكم : رواته كلهم ثقات ، وله شاهد آخر بإسناد صحيح : ثنا الحاكم أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا طاهر بن عمرو بن الربيع بن طارق ثنا ابن أبي الليث ثنا عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك بن مالك ، فذكر مثله سواء ، وزاد : { أبي هريرة } . أوتروا بخمس أو سبع أو تسع أو بإحدى عشرة ركعة أو أكثر من ذلك
فردت هذه السنن بحديثين باطلين وقياس فاسد ; أحدهما : { نهى عن البتراء } وهذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ولا ضعيف ، وليس في شيء من كتب الحديث المعتمد عليها ، ولو صح فالبتراء صفة للصلاة التي قد بتر ركوعها وسجودها فلم يطمأن فيها ، الثاني حديث يروى عن مرفوعا : { ابن مسعود } . وهذا الحديث وإن كان أصح من الأول فإنه في سنن وتر الليل ثلاث كوتر النهار صلاة المغرب ، فهو من رواية الدارقطني . يحيى بن زكريا
قال : يقال له الدارقطني ابن أبي الحواجب ، ضعيف ، ولم يروه عن مرفوعا غيره ، ورواه الأعمش في الجامع وغيره عن الثوري موقوفا على الأعمش ، وهو الصواب . ابن مسعود
وأما القياس الفاسد فهو أن قالوا : رأينا المغرب وتر النهار ، وصلاة الوتر وتر الليل ، وقد شرع الله سبحانه وتر النهار موصولا فهكذا وتر الليل ، وقد صحت السنة بالفرق بين الوترين من وجوه كثيرة ; أحدها : الجمع بين الجهر والسر في وتر النهار دون وتر الليل ، الثاني : وجوب الجماعة أو مشروعيتها فيه دون وتر الليل ، الثالث : أنه صلى الله عليه وسلم فعل وتر الليل على الراحلة دون وتر النهار ، الرابع : أنه قال في وتر الليل أنه ركعة واحدة دون وتر النهار ، الخامس : أنه أوتر بتسع وسبع وخمس موصولة دون وتر النهار ، السادس : أنه نهى عن تشبيه وتر الليل بوتر النهار كما تقدم ، السابع : أن وتر الليل اسم للركعة وحدها ، ووتر النهار اسم لمجموع صلاة المغرب كما في صحيح من حديث مسلم ابن عمر أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { وابن عباس } الثامن : أن وتر النهار فرض [ ص: 270 ] ووتر الليل ليس بفرض باتفاق الناس ، التاسع : أن وتر النهار يقضى بالاتفاق وأما وتر الليل فلم يقم على قضائه دليل ; فإن المقصود منه قد فات فهو كتحية المسجد ورفع اليدين في محل الرفع والقنوت إذا فات ، وقد توقف الإمام الوتر ركعة من آخر الليل في أحمد ، وقال قضاء الوتر شيخنا : لا يقضى ; لفوات المقصود منه بفوات وقته ، قال : وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا منعه من قيام الليل نوم أو وجع صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة ، ولم يذكر الوتر ، العاشر : أن المقصود من وتر الليل جعل ما تقدمه من الأشفاع كلها وترا ، وليس المقصود منه إيتار الشفع الذي يليه خاصة ، وكان الأقيس ما جاءت به السنة أن يكون ركعة مفردة توتر جميع ما قبلها ، وبالله التوفيق .