، وقال أصحاب  أحمد  لو قال الأعجمي لامرأته أنت طالق وهو لا يفهم معنى هذه اللفظة  لم تطلق ; لأنه ليس مختارا للطلاق ، فلم يقع طلاقه كالمكره ، قالوا : فلو نوى موجبه عند أهل العربية لم يقع أيضا ; لأنه لا يصح منه اختيار ما لا يعلمه ، وكذلك لو نطق بكلمة الكفر من لا يعلم معناها  لم يكفر ، وفي مصنف وكيع أن  عمر بن الخطاب  قضى في امرأة قالت لزوجها سمني فسماها الطيبة ، فقالت : لا ، فقال لها : ما تريدين أن أسميك ؟ قالت : سمني خلية طالق فقال لها : فأنت خلية طالق فأتت  عمر بن الخطاب  ، فقالت : إن زوجي طلقني ، فجاء زوجها فقص عليه القصة ، فأوجع  عمر  رأسها ، وقال لزوجها خذ بيدها وأوجع رأسها ، وهذا هو الفقه الحي الذي يدخل على القلوب بغير استئذان ، وإن تلفظ بصريح الطلاق ، وقد تقدم أن الذي قال لما وجد راحلته : " اللهم أنت عبدي وأنا ربك " أخطأ من شدة الفرح ; لم يكفر بذلك وإن أتى بصريح الكفر ; لكونه لم يرده ، والمكره على كلمة الكفر  أتى بصريح كلمته ولم يكفر لعدم إرادته ، بخلاف المستهزئ والهازل ; فإنه يلزمه  [ ص: 56 ] الطلاق والكفر وإن كان هازلا لأنه قاصد للتكلم باللفظ وهزله لا يكون عذرا له ، بخلاف المكره والمخطئ والناسي فإنه معذور مأمور بما يقوله أو مأذون له فيه ، والهازل غير مأذون له في الهزل بكلمة الكفر والعقود    ; فهو متكلم باللفظ مريد له ولم يصرفه عن معناه إكراه ولا خطأ ولا نسيان ولا جهل ، والهزل لم يجعله الله ورسوله عذرا صارفا ، بل صاحبه أحق بالعقوبة ، ألا ترى أن الله تعالى عذر المكره في تكلمه بكلمة الكفر إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان ، ولم يعذر الهازل بل قال : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم    } وكذلك رفع المؤاخذة عن المخطئ والناسي    . 
				
						
						
