فصل :
[ بطلان الحيلة بالخلع لفعل المحلوف عليه ]
ومن الحيل الباطلة ، ثم يفعل المحلوف عليه في حال البينونة ، ثم يعود إلى النكاح ، وهذه الحيلة باطلة شرعا ، وباطلة على أصول أئمة الأمصار : أما بطلانها شرعا فإن هذا خلع لم يشرعه الله ولا رسوله ، وهو تعالى لم يمكن الزوج من فسخ النكاح متى شاء ; فإنه لازم ، وإنما مكنه من الطلاق ، ولم يجعل له فسخه إلا عند التشاجر والتباغض إذا خافا أن لا يقيما حدود الله ، فشرع لهما التخلص بالافتداء ; وبذلك جاءت السنة ، ولم يقع في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زمن أصحابه قط خلع حيلة ، ولا في زمن التابعين ولا تابعيهم ، ولا نص عليه أحد من الأئمة الأربعة وجعله طريقا للتخلص من الحنث ، وهذا من كمال فقههم رضي الله عنهم فإن الخلع إنما جعله الشارع مقتضيا للبينونة ليحصل مقصود المرأة من الافتداء من زوجها ، وإنما يكون ذلك مقصودها إذا قصدت أن تفارقه على وجه لا يكون له عليها سبيل ، فإذا حصل هذا ثم فعل المحلوف عليه وقع وليست زوجته فلا يحنث ، وهذا إنما حصل تبعا للبينونة التابعة لقصدهما ، فإذا خالعها ليفعل المحلوف عليه لم يكن قصدهما البينونة ، بل حل اليمين ، وحل اليمين إنما يحصل تبعا للبينونة لا أنه المقصود بالخلع الذي شرعه الله ورسوله ، وأما خلع الحيلة فجاءت البينونة فيه لأجل [ حل ] اليمين ، وحل اليمين جاء لأجل البينونة ; فليس عقد الخلع بمقصود في نفسه للرجل ولا للمرأة ، والله تعالى لا يشرع عقدا لا يقصد واحد من المتعاقدين حقيقته ، وإنما يقصدان به ضد ما شرعه الله له ; فإنه شرع لتخلص المرأة من الزوج ، والمتحيل يفعله لبقاء النكاح ; فالشارع شرعه لقطع النكاح ، والمتحيل يفعله لدوام النكاح . الحيلة على التخلص من الحنث بالخلع