فصل :
[ إبطال ] : ومن الحيل الباطلة المحرمة إذا حيلة لتأخير رأس مال السلم ، قال أرباب الحيل : الحيلة أن يبيعه دينارا بدينار في الذمة ، ثم يأخذ البائع الدينار الذي يريد شراءه بالنصف ، فيريد الآخر دينارا عوضه ، فيدفع إليه نصف الدينار وفاء ، ثم يستقرضه منه ، فيبقى له في ذمته نصف دينار ، ثم يعيده إليه وفاء عن قرضه ، فيبرأ منه ، ويفوز كل منهما بما كان مع الآخر . كان مع أحدهما دينار رديء ومع الآخر نصف دينار جيد ، فأراد بيع أحدهما بالآخر
ومثل هذه الحيلة لو أراد أن يجعل بعض رأس مال السلم دينارا يوفيه إياه في وقت آخر ، بأن يكون معه نصف دينار ويريد أن يسلم إليه دينارا في كر حنطة ، فالحيلة أن يسلم إليه دينارا غير معين ، ثم يوفيه نصف الدينار ، ثم يعود فيستقرضه منه ، ثم يوفيه إياه عما له عليه من الدين ، فيتفرقان وقد بقي له في ذمته نصف دينار .
وهذه الحيلة من أقبح الحيل ; فإنهما لا يخرجان بها عن بيع دينار بنصف دينار ، ولا عن تأخير رأس مال السلم عن مجلس العقد ، ولكن توصلا إلى ذلك بالقرض الذي جعلا صورته مبيحة لصريح الربا ، ولتأخير قبض رأس مال السلم ، وهذا غير القرض الذي جاءت به الشريعة ، وهو قرض لم يشرعه الله ، وإنما اتخذه المتعاقدان تلاعبا بحدود الله وأحكامه ، واتخاذا لآياته هزوا ، وإذا كان القرض الذي يجر النفع ربا عند صاحب الشرع ، فكيف بالقرض الذي يجر صريح الربا وتأخير قبض رأس مال السلم ؟ .