[ ومن قال إن الزنا موجب حرمة المصاهرة الشافعي ] : قال مناظرة بين : الزنا لا يحرم الحلال ، وقال به الشافعي . ابن عباس
قال : لأن الحرام ضد الحلال ، ولا يقاس شيء على ضده ، فقال لي قائل : ما تقول لو الشافعي حرمت على زوجها أبدا ؟ فقلت : لم قلت ذا والله تعالى إنما حرم أمهات نسائكم ونحو هذا بالنكاح فلم يجز أن يقاس الحرام بالحلال ؟ فقال : أجد جماعا وجماعا ، قلت : جماعا حمدت به وأحصنت وجماعا رجمت به ، أحدهما نقمة والآخر نعمة ، وجعله الله نسبا وصهرا وأوجب به حقوقا ، وجعلك محرما لأم امرأتك وابنتها تسافر بهما ، وجعل على الزنا نقمة في الدنيا بالحد وفي الآخرة بالنار ، إلا أن يعفو الله ، فتقيس الحرام الذي هو نقمة على الحلال الذي هو نعمة ؟ وقلت له : فلو قال لك وجدت المطلقة ثلاثا تحل بجماع زوج وإصابة فأحلها بالزنا لأنه جماع كجماع ، قال : إذا أخطئ ; لأن الله تعالى أحلها بنكاح زوج ، قلت : وكذلك ما حرم الله في كتابه بنكاح زوج وإصابة زوج ، قال : أفيكون شيء يحرمه الحلال ولا يحرمه الحرام أقول به ؟ قلت : نعم ينكح أربعا فيحرم عليه أن ينكح من النساء خامسة ، أفيحرم عليه إذا زنى بأربع شيء من النساء ؟ قال : لا يمنعه الحرام مما يمنعه الحلال ، قال : فقد ترتد فتحرم على زوجها ، قلت : نعم ، وعلى جميع الخلق ، وأقتلها وأجعل مالها فيئا ، قال : فقد نجد الحرام يحرم الحلال ، قلت : أما في مثل ما اختلفنا فيه من أمر النساء فلا ، انتهى . قبلت امرأة الرجل ابنه بشهوة
ومما يدل على صحة هذا القول أن أحكام النكاح التي رتبها الله تعالى عليه من العدة والإحداد والميراث والحل والحرمة ولحوق النسب ، ووجوب النفقة والمهر وصحة الخلع والطلاق والظهار والإيلاء والقصر على أربع ووجوب القسم والعدل بين الزوجات وملك الرجعة وثبوت الإحصان والإحلال للزوج الأول وغير ذلك من الأحكام لا يتعلق شيء منها [ ص: 192 ] بالزنا ، وإن اختلف في العدة والمهر .
والصواب أنه لا مهر لبغي كما دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكما فطر الله عقول الناس على استقباحه ، فكيف يثبت تحريم المصاهرة من بين هذه الأحكام ؟ والمقصود أن هذه الحيلة باطلة شرعا كما هي محرمة في الدين .