الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فصل :

وأما سائر الصور التي ذكرتموها من صور الدور التي يفضي ثبوتها إلى إبطالها فمنها ما هو ممنوع الحكم لا يسلمه لكم منازعكم ، وإنما هي مسائل مذهبية يحتج لها ولا يحتج بها ، وهم يفكون الدور تارة بوقوع الحكمين معا وعدم إبطال أحدهما للآخر ويجعلونهما معلولي علة واحدة ولا دور ، وتارة يسبق أحد الحكمين للآخر سبق السبب لمسببه ثم يترتب الآخر عليه .

ومنها ما هو مسلم الحكم وثبوت الشيء فيه يقتضي إبطاله .

ولكن هذا حجة لهم في إبطال هذا التعليق ; فإنه لو صح لأفضى ثبوته إلى بطلانه ، فإنه لو صح لزم منه وقوع طلقة مسبوقة بثلاث ، وسبقها بثلاث يمنع وقوعها ، فبطل التعليق من أصله للزوم المحال ; فهذه الصور التي استشهدتم بها من أقوى حججهم عليكم على بطلان التعليق .

وأدلتكم في هذه المسألة نوعان :

أدلة صحيحة وهي إنما تقتضي بطلان التعليق .

وأما الأدلة التي تقتضي بطلان المنجز فليس منها دليل صحيح ; فإنه طلاق صدر من أهله في محله ; فوجب الحكم بوقوعه ; أما أهلية المطلق فلأنه زوج مكلف مختار ، وأما محلية المطلقة فلأنها زوجة والنكاح صحيح فيدخل في قوله تعالى : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } وفي سائر نصوص الطلاق ; إذ لو لم يلحقها طلاق لزم واحد من ثلاثة ، وكلها منتفية : إما عدم أهلية المطلق ، وإما عدم قبول المحل ، وإما قيام مانع يمنع من نفوذ الطلاق ، والمانع مفقود ; إذ ليس مع مدعي قيامه إلا التعليق المحال الباطل شرعا وعقلا ، وذلك لا يصح أن يكون مانعا .

يوضحه أن المانع من اقتضاء السبب لمسببه إنما هو وصف ثابت يعارض سببيته فيوقفها عن اقتضائها ، فأما المستحيل فلا يصح أن يكون مانعا معارضا للوصف الثابت ، وهذا في غاية الوضوح ، ولله الحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية