[ اشتراط الزوجة دارها أو بلدها ونحو ذلك ]
المثال السادس : أن ، فالحيلة في تصحيحه أن تلزمه عند العقد بأن يقول : إن تزوجت عليك امرأة فهي طالق . تشترط المرأة دارها أو بلدها أو أن لا يتزوج عليها ، ولا يكون هناك حاكم يصحح هذا الشرط ، أو تخاف أن يرفعها إلى حاكم يبطله
وهذا الشرط يصح وإن قلنا : " لا يصح تعليق الطلاق بالنكاح " نص عليه ; لأن هذا الشرط لما وجب الوفاء به من منع التزويج بحيث لو تزوج فلها الخيار بين المقام معه ومفارقته جاز اشتراط طلاق من يتزوجها عليها ، كما جاز اشتراط عدم نكاحها ، فإن لم تتم لها هذه الحيلة فلتأخذ شرطه أنه إن تزوج عليها فأمرها بيدها ، أو أمر الضرة بيدها ، ويصح تعليق ذلك بالشرط ; لأنه توكيل على الصحيح ، ويصح أحمد على الصحيح من قولي العلماء ، وهو قول الجمهور تعليق الوكالة على الشرط ومالك وأبي حنيفة ، كما يصح تعليق الولاية على الشرط بالسنة الصحيحة الصريحة . وأحمد
ولو قيل : " لا يصح تعليق الوكالة بالشرط " لصح تعليق هذا التوكيل الخاص ; لأنه يتضمن الإسقاط ، فهو كتعليق الطلاق والعتق بالشرط ، ولا ينتقض هذا بالبراءة فإنه يصح تعليقها بالشرط ، وقد فعله الإمام ، وأصوله تقتضي صحته ، وليس عنه نص بالمنع ، ولو سلم أنه تمليك لم يمنع تعليقه بالشرط كما تعلق الوصية ، وأولى بالجواز ; فإن الوصية تمليك مال وهذا ليس كذلك ; فإن لم تتم لها هذه الحيلة فليتزوجها على مهر مسمى على أنه إن أخرجها من دارها فلها مهر مثلها وهو أضعاف ذلك المسمى ، ويقر الزوج بأنه مهر مثلها ، وهذا الشرط صحيح ; لأنها لم ترض بالمسمى إلا بناء على إقرارها في دارها ، فإذا لم يسلم لها ذلك وقد شرطت في مقابلته زيادة جاز ، وتكون تلك الزيادة في مقابلة ما فاتها من الغرض الذي إنما أرخصت المهر ليسلم لها ، فإذا لم يسلم لها انتقلت إلى المهر الزائد . أحمد
وقد صرح أصحاب بجواز مثل ذلك مع قولهم بأنه لا يصح اشتراط دارها ولا أن لا يتزوج عليها ، وقد أغنى الله عن هذه الحيلة بوجوب الوفاء بهذا الشرط الذي هو أحق الشروط أن يوفى به وهو مقتضى الشرع والعقل والقياس الصحيح ، فإن المرأة لم ترض ببذل بضعها للزوج إلا على هذا الشرط ، ولو لم يجب الوفاء به لم يكن العقد عن تراض ، وكان إلزاما لها بما لم تلتزمه وبما لم يلزمها الله تعالى ورسوله به ، فلا نص ولا قياس والله الموفق أبي حنيفة