[ ] حيلة في الخلاص مما سبق به اللسان
المثال الحادي والستون : إذا سبق لسانه بما يؤاخذ به في الظاهر ولم يرد معناه ، أو أراده ثم رجع عنه وتاب منه ، أو خاف أن يشهد عليه به شهود زور ولم يتكلم به ، فرفع إلى الحاكم وادعي عليه به ، فإن أنكر شهدوا عليه ، وإن أقر حكم عليه ، ولا سيما إن كان لا يرى قبول التوبة من ذلك ، فالحيلة في الخلاص أن لا يقر به ولا ينكر ، فيشهد عليه الشهود ، بل يكفيه في الجواب أن يقول : " إن كنت قلته فقد رجعت عنه ، وأنا تائب إلى الله منه " وليس للحاكم بعد ذلك أن يقول : لا أكتفي منك بهذا الجواب ، بل لا بد من الإقرار أو الإنكار ، فإن هذا جواب كاف في مثل هذه الدعوى ، وتكليفه بعد ذلك خطة الخسف بالإقرار - وقد يكون كاذبا فيه ، أو الإنكار وقد تاب منه بينه وبين الله تعالى ، فيشهد عليه الشهود - ظلم وباطل ; فلا يحل للحاكم أن يسأله بعد هذا هل وقع منك ذلك أو لم يقع ؟ بل أبلغ من هذا لو شهد عليه بالردة فقال : " لم أزل أشهد أن لا إله لا الله وأن محمدا رسول الله منذ عقلت وإلى الآن " لم يستكشف عن شيء ، ولم يسأل لا هو ولا الشهود عن سبب ردته ، كما ذكره في مختصره وغيره من أصحاب الخرقي ، فإذا ادعى عليه بأنه قال كذا وكذا فقال : " إن كنت قلته فأنا تائب إلى الله منه " أو " قد تبت منه " فقد اكتفي منه بهذا الجواب ، ولم يكشف عن شيء منه بعد ذلك . الشافعي