تنبيهان الأول : لما كثر على عادات المتأخرين طريقة الجمع وتقديمها على طريقة الترجيح  أخذها الشيخ  في شرح الإلمام " مسلمة وزاد فيها قيدا فقال : هو عندي فيما إذا كان التأويل في طريقة الجمع مقبولا عند النفس مطمئنة به ، فإن لم يكن كذلك فالأشبه تقديم رتبة الترجيح على رتبة الجمع ، فينظر إلى الترجيح بين الرواة بحسب حالهم في الحفظ والإتقان  ، لأن الأصل في الترجيح هو سكون النفس ، وسكونها إلى احتمال الغلط في بعضهم أقوى من سكونها إلى التأويلات المستبعدة المستنكرة عندها ، لا سيما مع من كانت روايته خطأ قال : فهذا هو الذي استقر عليه رأيي ونظري ، ولا أقول  هذا في كل تأويل ضعيف مرجوح بالنسبة إلى الظاهر ، وإنما ذلك حيث يشتد استكراهه ذكر ذلك في " اختلاف الأحاديث " في تقدير مدى حوض النبي صلى الله عليه وسلم قال : ولقد سمعت الشيخ أبا محمد بن عبد السلام  يقول قولا أوجبته شجاعة نفسه ، لا أرى ذكره وإن كان صحيحا قلت    : وذلك أن الشيخ سئل عن حديث  أنس  المخرج في الصحيحين : { ما بين ناحيتيه كما بين جرباء  وأذرح    } قال عبد الله    : فسألت عنهما فقال : هما قريتان بالشام  بينهما  [ ص: 153 ] مسيرة ثلاث ليال ، فأجاب الشيخ    : المراد بالناحيتين في حديث الحوض المقدر بما بين مكة  وبصرى  ، ناحيتاه من العرض قلت    : وهذا الجواب ليس بصحيح ، كما زعمه الشيخ  ، للأحاديث المصرحة بالتسوية بين العرض والطول وفي صحيح  مسلم    : { عرضه مثل طوله   } ، وفي الصحيحين روايات : ( سواء ) ، أي : عرضه وطوله ( سواء ) . 
				
						
						
