وإن كان ، فإن علم تقدم المعلوم عمل به لكونه معلوما ، وإن علم تأخيره عمل به لكونه ناسخا . وهذا على رأي من ينسخ الخاص بالعام . وأما على رأينا فالعمل بالمعلوم لكونه معلوما لتعذر النسخ وإن لم يعلم ذلك ، سواء علم التقارن أو جهل ، فإنا نحكم بالمعلوم لكونه . معلوما . هذا حاصل ما ذكره أحدهما معلوما والآخر مظنونا في المعتمد " ، وتابعه صاحب المحصول " وغيره . وأطلق أبو الحسين الشيخ في اللمع " وسليم في التقريب " وغيرهما أنهما يتعارضان ولا يقدم أحدهما على الآخر بدليل ، وفي جواز خلو مثل هذا عن الترجيح قولان . وإذا خلا سقطا ورجع المجتهد إلى البراءة ، ونقل سليم عن - رحمه الله - تقديم الخبر الذي فيه ذكر الوقت ، [ ص: 164 ] لأن الخلاف واقع في الوقت ، فقدم ما فيه . وذكر أبي حنيفة الصيرفي في الدلائل " في أنه إن كان هناك توقيف صرنا إليه ، وإن لم يكن إلا العموم ففيها وجهان : ( أحدهما ) : أنا ننظر إلى أيهما أعم اللفظين بوجه ، فيجعل الآخر في الخاصة . و ( الثاني ) : إلى أي اللفظتين ابتدئ بها فالأخرى معطوفة عليها ، لأنك لو أثبت اللفظة الثانية كان فيها رفع ما ابتدئ بذكره ، فلا يجوز أن يثبت من الثانية إلا ما لا يبطل الأولى فيكون موافقا للثاني على ما قلنا في الترتيب كأنا قلنا : كل ملك يمين فهو مباح ، لقوله تعالى : { تعارض الآيتين أو ما ملكت أيمانكم } فذكر عموم الزوجات وعموم ملك اليمين ، فكان أخص مما ذكرت من الزوجات وملك اليمين ، فثبت أن الجمع بين الأختين الملك والنكاح مستثنى من عموم قوله : { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } ولم يصح أن تقابل الآية بالآية الأخرى لما وصفته ، انتهى . قال ابن دقيق العيد : هذه المسألة من مشكلات الأصول ، والمختار عند المتأخرين الوقف إلا بترجيح يقوم على أحد اللفظين بالنسبة إلى الآخر . قال : وكأن مرادهم الترجيح العام الذي لا يخص مدلول العموم ، كالترجيح بكثرة الرواة وسائر الأمور الخارجة عن مدلول العموم من حيث هو مدلول العموم . وذكر في المعتمد " التفصيل السابق ثم قال : وقال أبو الحسين الفاضل أبو سعيد محمد بن يحيى ، فيما وجدته معلقا عنه : فكما يخصص هذا بذاك لمعارضته أمكن أن يخصص ذلك بهذا ، وليس أحدهما بأولى من الآخر فينظر فيهما : إن دخل أحدهما تخصيص مجمع عليه فهو أولى بالتخصيص . وكذلك إذا كان أحدهما مقصودا بالعموم رجح على ما كان عمومه اتفاقا . انتهى . العامان إذا تعارضا
[ ص: 165 ] قلت : وهذا هو اللائق بتصرف في أحاديث النهي عن الصلاة في الوقت المكروه ، فإنه قال : لما دخلها التخصيص بالإجماع في صلاة الجنازة ضعفت دلالتها تقدم عليها أحاديث المقضية وتحية المسجد وغيرها . ولذلك نقول : دلالة { الشافعي وأن تجمعوا بين الأختين } على تحريم الجمع مطلقا في النكاح والملك أولى من دلالة الثانية على جواز الجمع باليمين ، لأن هذه الآية ما سيقت لبيان حكم الجمع . .