الاعتبار الرابع - فيرجح من القياسين المتعارضين ما دليل حكم أصله أقوى من دليل حكم الأصل الآخر ( فمنها ) أنه يرجح القياس الثابت حكم أصله بالإجماع ، على الثابت بالنص ، فإن الذي ثبت الحكم في أصله بالدلائل اللفظية يقبل التخصيص والنسخ والتأويل ، والإجماع لا يقبلها هكذا نقله بحسب دليل الحكم الإمام ثم قال : ويحتمل تقديم الثابت بالنص على الإجماع ، لأن الإجماع فرع النص ، لكون المثبت له النص ، والفرع لا يكون أقوى من الأصل وبهذا جزم صاحب الحاصل " والمنهاج " وهو ضعيف ، لأن الأصل الذي ثبت به الإجماع معلوم أنه لم ينسخ فلا يكون الإجماع أقوى من ذلك ، وأما ما لا يحتمل النسخ فلا شك أنه أقوى منه ( ومنها ) قال ابن برهان : قدم الأول على الثاني ، كقولنا في جلد ما لا يؤكل لحمه : يطهر بالدباغ ، كجلد الميتة ، وهي منصوص عليها أولى من قول المخالف : لا يطهر قياسا على جلد الكلب ، لأنه غير منصوص عليه ( ومنها ) قال في المنخول " : إذا كان أحد القياسين مخرجا من أصل [ ص: 221 ] منصوص عليه ، والآخر مخرجا من غير منصوص عليه ، فالأخص مقدم فيما قاله إذا عارض قياس عام تشهد له القواعد قياسا هو أخص منه بالمسألة القاضي مثاله : توجيه قولنا : لا تتحمل العاقلة قيمة العبد ، لأن الجاني أولى بجنايته ويعضد هذا سائر الغرامات ، يعارضه قياس أخص وهو أن الغالب على العبد الذمة ، بدليل الكفارة والقصاص ، وضرب العقل سببه مسيس حاجة العرب إلى معاطاة الأسلحة ، وإيقاف هفوات ، ونقل الأروش عن الجناة ، فإن هذا مثال فاسد ، فإن ضرب العقل مستثنى عن القياس وهذه الحكمة تعويل عليها .