فروع الأول : قد راعى وأصحابه خلاف الخصم في مسائل كثيرة ، وهو إنما يتمشى على القول بأن الشافعي ، وذلك لأن المجتهد لما كان يجوز خلاف ما غلب على ظنه ونظر في متمسك خصمه فرأى له موقعا راعاه على وجه لا يخل بما غلب على ظنه ، وأكثره من باب الاحتياط والورع ، وهذا من دقيق النظر والأخذ بالحزم . وقال مدعي الإصابة لا يقطع بخطأ مخالفه القرطبي :
[ ص: 311 ] ولذلك راعى الخلاف ، قال : وتوهم بعض أصحابه أنه يراعي صورة الخلاف وهو جهل أو عدم إنصاف . وكيف هذا وهو لم يراع كل خلاف وإنما راعى خلافا لشدة قوته . مالك قلت : وقد يراعي الخلاف المشدد على نفسه دون غيره ، ولهذا لما قرر الشافعي قال : فأما أنا فأحب أن لا أقصر في أقل من ثلاثة أيام احتياطا على نفسي . قال القصر على مرحلتين : وهو كقوله : القاضي أبو الطيب . و لا أفضل له أن يستخلف من يصلي بهم حتى يخرج من الخلاف . وله نظائر كثيرة . على أن إذا مرض الإمام أنه يصلي قاعدا والناس قيام خلفه الإبياري استشكل استحباب الخروج من الخلاف ، فإن الأمة إذا اختلفت على قولين بالتحريم والإباحة فالقول بأن الترك متعلق بالثواب ، والفعل جائز قول لم يقل به أحد . نعم ، الورع يليق به . ثم اعلم أن عين الخلاف لا ينتصب شبهة ولا يراعى بل النظر إلى المأخذ وقوته . قال الروياني في باب الشهادات من البحر " : لو كان الخلاف بنفسه ينتصب شبهة لاستوت المسألتان ، يعني مسألة إيجاب الحد على الحنفي بشرب النبيذ وشهادته ، وإنما الشبهة في الدلائل .
.