الرابع : حيث كانت حجة الحكم قطعية فالمختار أن حكم الحاكم إذا وقع بخلافه ينتقض ، بخلاف الظنية . وقيل : في جميع الأحكام ، وعلى هذا قول من يجعل على الحاكم دليلا قاطعا ، وبعض هؤلاء قال : لا ينقض في شيء من الأحكام . والمذهب أنه لا ينتقض في الاجتهاديات وإن قلنا : المصيب واحد لعدم تعينه ، ومنه ما لو
nindex.php?page=treesubj&link=22264_22266_22265حكم باجتهاده لدليل أو أمارة ثم ظهر له أمارة تساوي الأولى . وكذا ما هو أرجح من الأولى ، لكن لا ينتهي إلى ظهور النص ، وإن كان لو قارن لوجب الحكم به ، لأن الرجحان حاصل حال الحكم . أما لو ظهر نص أو إجماع أو قياس جلي بخلافه نقض هو وغيره ، لأنه مقطوع به ، فلم ينقضه الظن وإنما نقض بالدليل القاطع على تقديم النص والقياس الجلي على الاجتهاد ، فهو آمر لو قارن العلم به لوجب تقديمه قطعا ، فكذلك نقض به ، قال
ابن الرفعة وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم " مصرح بأن مراده بالنص الذي ينتقض به قضاء القاضي إذا خالفه هو الظاهر .
[ ص: 315 ] خاتمة مضى الكلام على الخلاف في العقائد وأصول الفقه ، وهكذا اختلاف القراء والمختار أن الكل مصيب ، لصحة الكل عن النبي عليه الصلاة والسلام ، وخلافهم إنما هو في الاختيار ، ومن قرأ عن إمام لا يمنع القراءة الأخرى . وممن صرح بأن الحق في القراءات كلها
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك في كتابه في الأصول . قال : وليست كالأحكام لأنها غير متضادة ،
nindex.php?page=treesubj&link=20756وأحكام القراءات لا يجوز ورود العبارة بها معا في زمن واحد . ونظير قراءة {
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=24وما هو على الغيب بظنين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=24وما هو على الغيب بضنين } . نظير من قال : هو حلال ، وقال الآخر : هو مثله ، لا نظير من قال : هو حلال ، وقال الآخر : هو حرام .
الرَّابِعُ : حَيْثُ كَانَتْ حُجَّةُ الْحُكْمِ قَطْعِيَّةً فَالْمُخْتَارُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ إذَا وَقَعَ بِخِلَافِهِ يُنْتَقَضُ ، بِخِلَافِ الظَّنِّيَّةِ . وَقِيلَ : فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ ، وَعَلَى هَذَا قَوْلُ مَنْ يَجْعَلُ عَلَى الْحَاكِمِ دَلِيلًا قَاطِعًا ، وَبَعْضُ هَؤُلَاءِ قَالَ : لَا يُنْقَضُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ . وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ فِي الِاجْتِهَادِيَّاتِ وَإِنْ قُلْنَا : الْمُصِيبُ وَاحِدٌ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ ، وَمِنْهُ مَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=22264_22266_22265حَكَمَ بِاجْتِهَادِهِ لِدَلِيلٍ أَوْ أَمَارَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَمَارَةٌ تُسَاوِي الْأُولَى . وَكَذَا مَا هُوَ أَرْجَحُ مِنْ الْأُولَى ، لَكِنْ لَا يَنْتَهِي إلَى ظُهُورِ النَّصِّ ، وَإِنْ كَانَ لَوْ قَارَنَ لَوَجَبَ الْحُكْمُ بِهِ ، لِأَنَّ الرُّجْحَانَ حَاصِلٌ حَالَ الْحُكْمِ . أَمَّا لَوْ ظَهَرَ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ أَوْ قِيَاسٌ جَلِيٌّ بِخِلَافِهِ نُقِضَ هُوَ وَغَيْرُهُ ، لِأَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِهِ ، فَلَمْ يَنْقُضْهُ الظَّنُّ وَإِنَّمَا نُقِضَ بِالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ عَلَى تَقْدِيمِ النَّصِّ وَالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ عَلَى الِاجْتِهَادِ ، فَهُوَ آمِرٌ لَوْ قَارَنَ الْعِلْمَ بِهِ لَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ قَطْعًا ، فَكَذَلِكَ نُقِضَ بِهِ ، قَالَ
ابْنُ الرِّفْعَةِ وَكَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ " مُصَرِّحٌ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالنَّصِّ الَّذِي يُنْتَقَضُ بِهِ قَضَاءُ الْقَاضِي إذَا خَالَفَهُ هُوَ الظَّاهِرُ .
[ ص: 315 ] خَاتِمَةٌ مَضَى الْكَلَامُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعَقَائِدِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ ، وَهَكَذَا اخْتِلَافُ الْقُرَّاءِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْكُلَّ مُصِيبٌ ، لِصِحَّةِ الْكُلِّ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَخِلَافُهُمْ إنَّمَا هُوَ فِي الِاخْتِيَارِ ، وَمَنْ قَرَأَ عَنْ إمَامٍ لَا يَمْنَعُ الْقِرَاءَةَ الْأُخْرَى . وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْقِرَاءَاتِ كُلِّهَا
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابْنُ فُورَكٍ فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ . قَالَ : وَلَيْسَتْ كَالْأَحْكَامِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَضَادَّةٍ ،
nindex.php?page=treesubj&link=20756وَأَحْكَامُ الْقِرَاءَاتِ لَا يَجُوزُ وُرُودُ الْعِبَارَةِ بِهَا مَعًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ . وَنَظِيرُ قِرَاءَةِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=24وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=24وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ } . نَظِيرُ مَنْ قَالَ : هُوَ حَلَالٌ ، وَقَالَ الْآخَرُ : هُوَ مِثْلُهُ ، لَا نَظِيرَ مَنْ قَالَ : هُوَ حَلَالٌ ، وَقَالَ الْآخَرُ : هُوَ حَرَامٌ .