[ ص: 116 ] ومن التقديرات : إعطاء الآثار والصفات حكم الأعيان الموجودات كالمفلس إذا قصر الثوب المبيع فهل يكون قصره كصبغه فيه قولان : فإن جعلناه كصبغه كان ذلك تقديرا للمعدوم موجودا ، واعلم أنه لا يعرى شيء من العقود والمعاوضات من جواز إيراده على معدوم ، فإن البيع قد يكون مقابلة عين بعين ، وقد يكون مقابلة عين بدين ، وقد يقابل الدين بالدين ثم ينفع التقابض في المجلس وكلاهما عند العقد معدوم . 
وأما الإجارة فإن قوبلت المنفعة بمنفعة كان العوضان معدومين ، وإن قوبلت بعين كانت المنافع معدومة . 
وأما السلم فمقابلة معدوم بموجود إن كان رأس المال عينا ، أو بدين يقبض في المجلس إن كان رأس السلم دينا . 
وأما القرض فمقابلة موجود بمعدوم . 
وأما الوكالة فإذن في معدوم . 
وأما المضاربة فعمل العامل فيها معدوم وكذلك الأرباح . 
وأما المساقاة والمزارعة المتفق عليهما فمقابلة معدوم بمعدوم ، فإن عمل الفلاح معدوم ونصيبه من الثمر والزرع معدوم ، فإن وقعت المساقاة على الثمر بعد وجوده في الصحة خلاف . 
وأما الجعالة فإن عين الجعل كان مقابلة معلوم بمعدوم ، وإن لم يعينه كان مقابلة معدوم بمعدوم . 
وأما الوقف فهو تمليك لمنافع معدومة وفوائد معقودة تارة لموجود وتارة لمفقود ، وتمليك المفقود أعظم أحوال الوقف ، فإن المستحقين الموجودين وقت الوقف إذا انقرضوا صارت الغلات والمنافع معدومة  [ ص: 117 ] المثال الحادي والخمسون : قطع أعضاء الجاني حفظا لأعضاء الناس . 
المثال الثاني والخمسون : جرح الجاني حفظا للسلامة من الجراح . 
المثال الثالث والخمسون : قتل الجاني مفسدة بتفويت حياته لكنه جاز لما فيه من حفظ حياة الناس على العموم ولذلك قوله سبحانه وتعالى : { ولكم في القصاص حياة    } . 
المثال الرابع والخمسون : التمثيل بالجناة إذا مثلوا بالمجني عليه مفسدة في حقهم ، لكنه مصلحة زاجرة عن التمثيل في الجناية . 
المثال الخامس والخمسون : حد القاذف صيانة للأعراض . 
المثال السادس والخمسون : جلد الزاني ونفيه حفظا للفروج والأنساب ودفعا للعار . 
المثال السابع والخمسون : الرجم في حق الزاني الثيب مبالغة في حفظ ما ذكرناه . 
المثال الثامن والخمسون : حد الشرب حفظا للعقول عن الطيش والاختلال . 
المثال التاسع والخمسون : حدود قطاع الطريق حفظا للنفوس والأطراف والأموال . 
المثال الستون : دفع الصول - ولو بالقتل - عن النفوس والأبضاع والأموال .  [ ص: 118 ] 
وأما الحوالة فتتعلق بدين في مقابلة دين ، وهي معاوضة على رأي ، وقبض مقدر على رأي ، والأظهر أنها من الأحكام المركبة فيثبت لها حكم القبض . من وجه ، وحكم المعاوضة من وجه . 
وأما الصلح فلا يخرج عن كونه بيعا أو إجارة أو إبراء أو هبة ، والعجب ممن يعتقد أن المعاوضة على المعدوم على خلاف الأصل مع أن الشريعة طافحة بها في جميع التصرفات ، بل الأمر والنهي والإباحة لا تتعلق إلا بكسب معدوم ، وكذلك معظم النذور والوعود لا تتعلق إلا بمعدوم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					