التفسير:
ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت أي: ألم ينته علمك إلى خبرهم، فالألف للتوقيف. قوله تعالى:
قال : كان هؤلاء المخبر عنهم أربعين ألفا. ابن عباس
[ : كانوا بضعة وثلاثين ألفا، وقيل: أربعة آلاف، وقيل: ثمانية آلاف]. السدي
: هم ناس من ابن عباس بني إسرائيل، خرجوا فرارا من الطاعون، وقالوا: نأتي أرضا لا موت فيها، فأماتهم الله عز وجل، فمر بهم نبي، فدعا الله عز وجل، فأحياهم.
[ويروى: أنهم عاشوا ثمانية أيام.
: خرجوا فرارا من الجهاد، فأماتهم الله، ثم أحياهم، ثم أمرهم بالجهاد، فقال: الضحاك وقاتلوا في سبيل الله ].
[ ص: 555 ] وقيل: إنهم كانوا بواسط العراق.
ويقال: إنهم أحيوا بعد أن أنتنوا، فتلك الرائحة موجودة في نسلهم إلى اليوم.
وقاتلوا في سبيل الله قيل: هو للذين تقدم ذكرهم، وقيل: لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا : (القرض) : ما يفعل ليجازى عليه، وأصله: القطع، وقيل له: قرض; لأنه يقطع لصاحبه مثل ما أعطى.
: هذا في الجهاد، يضاعف للواحد سبع مئة. ابن زيد
: لا يدري أحد ما هذا التضعيف؟الحسن: المراد بالآية: جميع أبواب البر. السدي
والله يقبض ويبسط أي: يقتر ويوسع، وقيل: يقبض الصدقات، ويخلفها بالثواب.
ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل : {الملإ} : الأشراف، كأنهم ممتلئون شرفا. وقوله:
[ ص: 556 ] : سموا بذلك; لأنهم مليئون بما يحتاج إليه منهم. الزجاج
و {الملإ} : جمع لا واحد له من لفظه.
وجاء في الخبر: أن هؤلاء المذكورين هم الذين أميتوا، ثم أحيوا.
قال : قالوا هذا حين رفعت التوراة، وسلط على مجاهد بني إسرائيل عدوهم.
: كان اسم نبيهم: السدي سمعون، سمته أمه بذلك; لأنها سمع دعاؤها فيه.
: اسمه وهب بن منبه شمويل.
: هو قتادة يوشع بن نون، وكان الذين أمروا بجهادهم العمالقة، وملكهم جالوت.
وروي: أن نبيهم الذي أرسل إليهم كذبوه، وقالوا له: إن كنت صادقا; فابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، فقال لهم: هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا ، وردوا عليه بما أخبر الله به عنهم، فسأل الله عز وجل، [ ص: 557 ] فأوحى الله تعالى إليه أني مملك طالوت، وكان من سبط بنيامين بن يعقوب، ولم يكن من سبط الملك; لأن الملك إنما كان من سبط معروف، فلذلك أنكروا ملكه، وكذلك كانت النبوة أيضا من سبط معروف.
وذكر أصحاب الأخبار: أن طالوت كان سقاء، وقيل: كان دباغا.
وقوله: اصطفاه عليكم أي: اختاره.
وزاده بسطة في العلم والجسم قيل: إنه كان يزيد على أطول بني إسرائيل من منكبه إلى فوق.
وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أي: علامته.
أن يأتيكم التابوت قيل: كان التابوت عند جالوت وأصحابه، وكانوا عبدة أوثان بأسفل جبل إيليا، فكان في كنيسة لهم فيها أصنام، وكانت الأصنام تصبح منكسة رءوسها، وسلط الله عليهم الفأر، فكانت تأتي أحدهم فتأكل ما في جوفه، فيصبح ميتا.
[ ص: 558 ] وقيل: ابتلوا بالناسور، حتى أخرجوا التابوت من عند أنفسهم، فجعلوه على عجلة، وعلقوها بثورين، فساقته الملائكة حتى وقف بين يدي طالوت، وهو معنى قوله: تحمله الملائكة .
وقيل: معناه: حمل إليهم بأمر الملائكة.
وقال : حملته الملائكة بين السماء والأرض عيانا. الحسن
: كان طوله ثلاثة أذرع، وكان عرضه ذراعين. وهب بن منبه
وقوله: فيه سكينة من ربكم : قال رضي الله عنه: السكينة: ريح هفافة، له وجه كوجه الإنسان. علي بن أبي طالب
: لها رأس وذنب كرأس الهر وذنبه. مجاهد
وهب: روح من الله يكلمهم، إذا اختلفوا في شيء; بينه لهم.
: هي دابة بقدر الهر، لها عينان لهما شعاع، إذا التقى الجمعان; أخرجت رأسها ونظرت إليهم، فينهزم الجيش من الرعب. ابن عباس
[ ص: 559 ] وعنه: هي طست من ذهب، كانت تغسل فيها قلوب الأنبياء.
أبو مالك: هي طست من ذهب، ألقى فيها موسى الألواح، والتوراة، وعصاه.
عطاء: السكينة: ما يعرفون من الآيات، فيسكنون إليه.
: السكينة: الرحمة. الضحاك
فأما (البقية) ؛ فروي عن ابن عباس، وغيرهما: أنها عصا موسى، [ورضراض الألواح; لأنها تكسرت حين ألقاها وقتادة، موسى، قيل: كانت من ياقوت ودر وزبرجد].
أبو صالح: البقية: عصا موسى، وثيابه، وثياب هارون، ولوحان من التوراة.
[ ص: 560 ] : رضاض الألواح، والتوراة، والعصا. السدي
مقاتل: رضراض الألواح، وعمامة موسى، وهن في طست من ذهب.
أبو صالح : هي لوحان من التوراة، وثياب موسى، وثياب هارون، وعصواهما، وكلمة الفرج: لا إله إلا الله الحليم الكريم، وسبحان الله رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين.
: هي العصا والنعلان. الثوري
: هي القتال. الضحاك
فلما فصل طالوت بالجنود قال : كانوا ثمانين ألفا. السدي
قال إن الله مبتليكم بنهر قال ابن عباس، وغيرهما: كان النهر بين وقتادة، الأردن وفلسطين، وعن أيضا: هو نهر ابن عباس فلسطين، وابتلوا به اختبارا لما شكوا قلة الماء، وأن الله تعالى أراد أن يري طالوت من يقاتل معه، ومن لا يقاتل.