وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات هذه الآية توجب
nindex.php?page=treesubj&link=31756خلق الأرض قبل السماء، وكذلك في (حم السجدة) ، وقال في (النازعات) :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=27أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=28رفع سمكها فسواها [النازعات: 27 - 28]، فوصف تعالى خلقها، ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=30والأرض بعد ذلك دحاها [النازعات: 30]، فكأن السماء على ذلك
[ ص: 168 ] خلقت قبل الأرض؟! فالمعنى فيما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وغيره من المفسرين: أنه تعالى أيبس الماء الذي كان عرشه عليه فجعله أرضا، وثار منه دخان، فارتفع، فجعله سماء، فصار خلق الأرض قبل السماء، ثم قصد أمره إلى السماء، فسواهن سبع سماوات، ثم دحا الأرض بعد ذلك، وكانت إذ خلقها غير مدحوة.
و {السماء} : تقع للواحد والجميع; ولذلك قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29فسواهن سبع سماوات .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة أي: واذكر إذ قال ربك للملائكة.
وقيل: معناه: ابتدأ خلقكم إذ قال ربك.
وقيل: هو مردود إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ، فالمعنى: الذي خلقكم إذ قال ربك للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة.
وواحد (الملائكة) : ملك، وأصله: (ملأك) ، مقلوب من (مألك) ، مشتق من (ألك) ؛ إذا أرسل، فجمع على القلب، فهو (معافلة) مقلوب عن (مفاعلة) .
[ ص: 169 ] والواحد عند
ابن كيسان: (ملأك) ، على أن الهمزة زائدة كزيادتها في (شمأل) ، والميم فاء، مشتق من (ملكت) ، فـ (ملائكة) على هذا: (فعائلة) .
وهو عند
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبي عبيدة من (لأك) ؛ إذا أرسل، لغة محكية، فلا قلب فيه، فواحده مخفف من (ملأك) مثل: (مفعل) ، و (ملائكة) : (مفاعلة) ، وهذا اختيار
أبي الفتح، و (مألكة) ، و (ألوك) ، و (ألك) عنده مقلوب، قد قدمت عينه، وأخرت فاؤه.
و (الهاء) في (الملائكة) للمبالغة، وكذلك هي في {خليفة} .
و {خليفة} قيل: هي بمعنى: خالفة; أي: خلف من الجن الذين كانوا في
[ ص: 170 ] الأرض، أو يخلف بعض ذريته بعضا، وقيل: هو بمعنى مفعول; أي: تخلفه ذريته.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك : الألف في {أتجعل} : بمعنى استعلام الحكمة في خلق الخليفة.
وقيل: إنهم قالوا ذلك; لأن الأرض كان فيها الجن قبل خلق
آدم، فأفسدوا، وسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة، فقتلهم، وألحقهم بالبحار ورؤوس الجبال، فمن حينئذ دخلته العزة، فكأنهم قالوا: أتجعل فيها هذا الخليفة كمن كان قبله، أو على غير تلك الحال؟
ويجوز أن يكونوا قدروا أن يكون الخليفة كمن كان قبله، فسألوا عن وجه الحكمة في ذلك.
وقيل: هو على معنى التعجب، كقولك: (أتكرم فلانا وهو يؤذيك؟!) .
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : كان الله تعالى قد أعلمهم أنه إذا جعل في الأرض خلفاء; أفسدوا وسفكوا الدماء، فسألوه حين قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30إني جاعل في الأرض خليفة : أهو الذي
[ ص: 171 ] أعلمهم أم غيره؟
وقيل: المعنى: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك أم تتغير عن ذلك؟و (السفك) : الصب، ولا يستعمل إلا في الدم، وقد يستعمل في نثر الكلام; يقال: (سفك الكلام) ؛ إذا نثره.
وواحد {الدماء} : دم، محذوف اللام، قيل: أصله (دمي) ، وقيل: (دمي) .
nindex.php?page=treesubj&link=28973ومعنى nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30نسبح بحمدك : ننزهك عن السوء، ونبرئك منه، وأصله من (السبح) الذي هو: الجري، والمسبح جار في تنزيه الله تعالى وتبرئته من السوء، ولا يستعمل التسبيح إلا لله عز وجل; إذ قد صار علما لغاية التعظيم.
و (التقديس) : التطهير، فقيل:
nindex.php?page=treesubj&link=28910معنى nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30ونقدس لك : نطهرك مما ينسبك إليه الملحدون، وقيل: نطهر أنفسنا لك.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30قال إني أعلم ما لا تعلمون قيل: علم من إبليس المعصية، وخلقه لها، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد .
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : علم أنه سيكون من ذلك الخليفة أنبياء، وصالحون، وساكنو الجنة.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ هَذِهِ الْآيَةُ تُوجِبُ
nindex.php?page=treesubj&link=31756خَلْقَ الْأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ، وَكَذَلِكَ فِي (حم السَّجْدَةِ) ، وَقَالَ فِي (النَّازِعَاتِ) :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=27أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=28رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا [النَّازِعَاتِ: 27 - 28]، فَوَصَفَ تَعَالَى خَلْقَهَا، ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=30وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا [النَّازِعَاتِ: 30]، فَكَأَنَّ السَّمَاءَ عَلَى ذَلِكَ
[ ص: 168 ] خُلِقَتْ قَبْلَ الْأَرْضِ؟! فَالْمَعْنَى فِيمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّهُ تَعَالَى أَيْبَسَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ عَرْشُهُ عَلَيْهِ فَجَعَلَهُ أَرْضًا، وَثَارَ مِنْهُ دُخَانٌ، فَارْتَفَعَ، فَجَعَلَهُ سَمَاءً، فَصَارَ خَلْقُ الْأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ، ثُمَّ قَصَدَ أَمْرُهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَتْ إِذْ خَلَقَهَا غَيْرَ مَدْحُوَّةٍ.
وَ {السَّمَاءِ} : تَقَعُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمِيعِ; وَلِذَلِكَ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً أَيْ: وَاذْكُرْ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: ابْتَدَأَ خَلْقُكُمْ إِذْ قَالَ رَبُّكَ.
وَقِيلَ: هُوَ مَرْدُودٌ إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ، فَالْمَعْنَى: الَّذِي خَلَقَكُمْ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً.
وَوَاحِدُ (الْمَلَائِكَةِ) : مَلَكٌ، وَأَصْلُهُ: (مَلْأَكٌ) ، مَقْلُوبٌ مِنْ (مَأْلَكَ) ، مُشْتَقٌّ مَنْ (أَلَكَ) ؛ إِذَا أُرْسِلَ، فَجُمِعَ عَلَى الْقَلْبِ، فَهُوَ (مَعَافِلَةٌ) مَقْلُوبٌ عَنْ (مَفَاعِلَةٍ) .
[ ص: 169 ] وَالْوَاحِدُ عِنْدَ
ابْنِ كَيْسَانَ: (مَلْأَكٌ) ، عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ زَائِدَةٌ كَزِيَادَتِهَا فِي (شَمْأَلٍ) ، وَالْمِيمُ فَاءٌ، مُشْتَقٌّ مِنْ (مَلَكْتُ) ، فَـ (مَلَائِكَةٌ) عَلَى هَذَا: (فَعَائِلَةٌ) .
وَهُوَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبِي عُبَيْدَةَ مِنْ (لَأَكَ) ؛ إِذَا أُرْسِلَ، لُغَةٌ مَحْكِيَّةٌ، فَلَا قَلْبَ فِيهِ، فَوَاحِدُهُ مُخَفَّفٌ مِنْ (مَلْأَكَ) مِثْلَ: (مَفْعَلٍ) ، وَ (مَلَائِكَةٍ) : (مَفَاعِلَةٍ) ، وَهَذَا اخْتِيَارُ
أَبِي الْفَتْحِ، وَ (مَأْلَكَةٌ) ، وَ (أَلُوكٌ) ، وَ (أَلَكَ) عِنْدَهُ مَقْلُوبٌ، قَدْ قُدِّمَتْ عَيْنُهُ، وَأُخِّرَتْ فَاؤُهُ.
وَ (الْهَاءُ) فِي (الْمَلَائِكَةِ) لِلْمُبَالَغَةِ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي {خَلِيفَةً} .
وَ {خَلِيفَةً} قِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى: خَالِفَةٍ; أَيْ: خَلَفٌ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ كَانُوا فِي
[ ص: 170 ] الْأَرْضِ، أَوْ يَخْلُفُ بَعْضُ ذُرِّيَّتِهِ بَعْضًا، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ; أَيْ: تَخْلُفُهُ ذُرِّيَّتُهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ : الْأَلِفُ فِي {أَتَجْعَلُ} : بِمَعْنَى اسْتِعْلَامِ الْحِكْمَةِ فِي خَلْقِ الْخَلِيفَةِ.
وَقِيلَ: إِنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ; لِأَنَّ الْأَرْضَ كَانَ فِيهَا الْجِنُّ قَبْلَ خَلْقِ
آدَمَ، فَأَفْسَدُوا، وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ إِبْلِيسَ فِي جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَقَتَلَهُمْ، وَأَلْحَقَهُمْ بِالْبِحَارِ وَرُؤُوسِ الْجِبَالِ، فَمِنْ حِينَئِذٍ دَخَلَتْهُ الْعِزَّةُ، فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: أَتُجْعَلُ فِيهَا هَذَا الْخَلِيفَةَ كَمَنْ كَانَ قَبْلَهُ، أَوْ عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الْحَالِ؟
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا قَدَّرُوا أَنْ يَكُونَ الْخَلِيفَةُ كَمَنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَسَأَلُوا عَنْ وَجْهِ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ.
وَقِيلَ: هُوَ عَلَى مَعْنَى التَّعَجُّبِ، كَقَوْلِكَ: (أَتُكْرِمُ فُلَانًا وَهُوَ يُؤْذِيكَ؟!) .
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ إِذَا جَعَلَ فِي الْأَرْضِ خُلَفَاءَ; أَفْسَدُوا وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، فَسَأَلُوهُ حِينَ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً : أَهُوَ الَّذِي
[ ص: 171 ] أَعْلَمَهُمْ أَمْ غَيْرُهُ؟
وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَتُجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ أَمْ تَتَغَيَّرُ عَنْ ذَلِكَ؟وَ (السَّفْكُ) : الصَّبُّ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الدَّمِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي نَثْرِ الْكَلَامِ; يُقَالُ: (سَفَكَ الْكَلَامَ) ؛ إِذَا نَثَرَهُ.
وَوَاحِدُ {الدِّمَاءَ} : دَمٌ، مَحْذُوفُ اللَّامِ، قِيلَ: أَصْلُهُ (دَمْيٌ) ، وَقِيلَ: (دَمَيٌ) .
nindex.php?page=treesubj&link=28973وَمَعْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ : نُنَزِّهُكَ عَنِ السُّوءِ، وَنُبَرِّئُكَ مِنْهُ، وَأَصْلُهُ مِنَ (السَّبْحِ) الَّذِي هُوَ: الْجَرْيُ، وَالْمُسَبِّحُ جَارٍ فِي تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَبْرِئَتِهِ مِنَ السُّوءِ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ التَّسْبِيحُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ; إِذْ قَدْ صَارَ عَلَمًا لِغَايَةِ التَّعْظِيمِ.
وَ (التَّقْدِيسُ) : التَّطْهِيرُ، فَقِيلَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28910مَعْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وَنُقَدِّسُ لَكَ : نُطَهِّرُكَ مِمَّا يَنْسِبُكَ إِلَيْهِ الْمُلْحِدُونَ، وَقِيلَ: نُطَهِّرُ أَنْفُسَنَا لَكَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ قِيلَ: عَلِمَ مِنْ إِبْلِيسَ الْمَعْصِيَةَ، وَخَلَقَهُ لَهَا، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ، nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ .
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : عَلِمَ أَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ الْخَلِيفَةِ أَنْبِيَاءُ، وَصَالِحُونَ، وَسَاكِنُو الْجَنَّةِ.