الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 279 ] قل بئسما يأمركم به إيمانكم يعني: من الإقامة على قتل الأنبياء.

                                                                                                                                                                                                                                      قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين : هذا من معجزات النبي (صلى الله عليه وسلم) ؛ لأنه قال لهم ذلك، وأعلمهم أنهم إن تمنوا الموت; ماتوا، وكانوا يعلمون ذلك من كتابهم، فلم يقدموا على تمنيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك امتناع النصارى من المباهلة، على ما سأذكره في (آل عمران) ، وهذه المعجزة إنما كانت على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ثم ارتفعت بوفاته (صلى الله عليه وسلم) ، ونظير ذلك: رجل يقول لقوم يحدثهم بحديث: دلالة صدقي أن أحرك يدي، ولا يقدر أحد منكم أن يحرك يده، فيفعل ذلك، فيكون دليلا على صدقه، ولا تبطل دلالته إن حركوا أيديهم بعد ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: بما قدمت أيديهم أي: لعلمهم بما قدموه من الكفر بالنبي (صلى الله عليه وسلم) .

                                                                                                                                                                                                                                      والله عليم بالظالمين أي: عليم بما يستحقونه من الجزاء; فهو وعيد.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 280 ] وقيل: هو إخبار من الله تعالى بأنه يعلم ما في ضمائرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا أي: وأحرص من الذين أشركوا; يعني: المجوس.

                                                                                                                                                                                                                                      يود أحدهم لو يعمر ألف سنة يعني: أن تحية المجوس قولهم: عش ألف سنة.

                                                                                                                                                                                                                                      وذهب الحسن : إلى أن الذين أشركوا : مشركو العرب، خصوا بذلك; لأنهم لا يؤمنون بالبعث، فهم يتمنون طول العمر.

                                                                                                                                                                                                                                      وأصل {سنة} : (سنهة) ، وقيل: (سنوة) .

                                                                                                                                                                                                                                      ودخلت {ومن} في: ومن الذين أشركوا ؛ لأنهما صنفان، فليست اليهود بعض المجوس; فيأتي بغير (من) ، كما جاء أحرص الناس ؛ إذ كانوا بعض الناس، ويجوز أن يكون التقدير: ومن الذين أشركوا من يود، فيوقف على {حياة} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: ولتجدنهم وطائفة من الذين أشركوا أحرص الناس على حياة.

                                                                                                                                                                                                                                      وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر أي: وما أحدهم بمزحزحه من العذاب تعميره، وتقديره مذكور في الإعراب.

                                                                                                                                                                                                                                      قل من كان عدوا لجبريل الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      يروى: أن اليهود قالت: لو كان صاحب محمد الذي يأتيه بالوحي غير [ ص: 281 ] جبريل; لآمنا به، فأما جبريل فهو عدونا; لأنه صاحب القتل والخسف والعذاب، فنزلت الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      فإنه نـزله على قلبك : (الهاء) في (فإنه) لجبريل، وفي (نزله) : للقرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: (الهاء) في (فإنه) لله عز وجل، المعنى: فإن الله نزل القرآن، أو نزل جبريل.

                                                                                                                                                                                                                                      و ( جبريل ) في قول ابن عباس، وغيره: كـ (عبد الله) ، وكذلك ( ميكائيل ) ، حسب ما قدمناه في (إسرائيل) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن هذه الأسماء الأعجمية لا اشتقاق لها، وذكر بعض المفسرين: أن تفسير ( جبريل ) بالعربية: عبد الله ، و ( ميكائيل ) : عبيد الله، و ( إسرافيل ) : عبد الرحمن.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية