وكان الكافر على ربه ظهيرا أي: معينا للشيطان على المعاصي، عن وقوله: وغيره. الحسن،
وقيل: معناه: هينا، من قولهم: [ظهرت به]; إذا لم تلتفت إليه، كأنك جعلته وراء ظهرك، فأصله: [مفعول]، قاله أبو عبيدة.
المراد بـ: {الكافر} ههنا: ابن جريج: أبو جهل.
[ ص: 33 ] هو إبليس. عكرمة:
وقيل: هو اسم للجنس، يراد به كل كافر.
وقوله: إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا : استثناء منقطع; والمعنى: لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا بإنفاقه من ماله في سبيل الله; فلينفق.
ويجوز أن يكون متصلا، ويقدر حذف مضاف; التقدير: إلا أجر من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا; ومثله: إلا من أمر بصدقة [النساء: 14]; أي: إلا نجوى من أمر بصدقة، وقد تقدم.
وقوله: الرحمن فاسأل به خبيرا : قال المعنى: فاسأل عنه خبيرا. الزجاج:
وأنكره علي بن سليمان، وقال: إنه مثل قولك: [لو لقيت فلانا; للقيك به الأسد]; [أي: للقيك بلقائك إياه الأسد]; فالمعنى: فاسأل بسؤالك إياه خبيرا، وكذلك قال [الخبير]: الله تعالى. ابن جبير:
وقوله: قالوا وما الرحمن : قيل: إنهم عنوا بذلك مسيلمة.
وقوله: تبارك الذي جعل في السماء بروجا : قال مجاهد، يعني: وقتادة:
[ ص: 34 ] منازل الشمس والقمر.
أبو صالح: النجوم العظام.
قصور في السماء. النخعي:
وقوله: وجعل فيها سراجا أي: في السماء، وقيل: في البروج.
و[السراج]: الشمس، ومن قرأ {سرجا} ; أراد الشمس وغيرها من النجوم، ثم أعاد ذكر {القمر} ; لفضله على النجوم.
وقوله: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة أي: يخلف كل واحد منهما صاحبه، فمن فاته في أحدهما عمل; أدركه في الآخر، قاله وغيره. ابن عباس،
المعنى: مختلفان; هذا أسود، وهذا أبيض. مجاهد:
وقوله: إن عذابها كان غراما أي: لازما دائما، غير مفارق، ومنه سمي [الغريم]; لملازمته.
طالبهم الله تعالى بثمن النعم، فلما لم يأتوا به; غرمهم ثمنها بإدخاله إياهم النار. محمد بن كعب:
وقوله: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا : قال ابن عباس: و[الإقتار]: منع حق الله من المال. [الإسراف]: الإنفاق في معصية الله، قل أو كثر،
[ ص: 35 ] وقوله: وكان بين ذلك قواما أي: عدلا.
معناه: لا يجيع عياله بالتقتير، ولا يعريهم، ولا يوسع عليهم حتى يقول الناس: قد أسرف. النخعي:
عون بن عبد الله: و[الإقتار]: التقصير فيما يجب عليك. [الإسراف]: أن تأكل مال غيرك بغير حق،
و[القوام]: النفقة بالعدل والاستقامة، و[القوام]; بالكسر: ما يدوم عليه الأمر ويستقر، وقيل: هما لغتان بمعنى.
وقوله: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر إلى قوله: إلا من تاب الآية: قال نزل هذا في مشركي ابن عباس: قريش، ونزل الذي في [النساء] في المؤمنين; يعني: ومن يقتل مؤمنا متعمدا الآية [النساء: 93].
نزلت التي في [النساء] بعد التي في [الفرقان] بستة أشهر. زيد بن ثابت:
بثماني سنين. الضحاك:
وقيل: إن الآية في هذه السورة نزلت في قوم من المشركين أرادوا الدخول في الإسلام، فخافوا ألا ينفعهم ذلك مع ما سلف لهم، يقوي ذلك قوله:
[ ص: 36 ] إلا من تاب وآمن ، فقرن التوبة بالإيمان.
نزلت في ابن جبير: وحشي قاتل حمزة.
وقيل: هي منسوخة بقوله: إن الله لا يغفر أن يشرك به ، وقد تقدم ذكر ذلك.
وقوله: يلق أثاما ، قال (الأثام) : واد في جهنم. مجاهد:
القتبي: (الأثام) : العقوبة.
والتقدير عند الخليل يلق جزاء الأثام، ثم بينه بقوله: وسيبويه: يضاعف له العذاب يوم القيامة الآية.
وقوله: فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات : قال يبدلهم من الشرك الإيمان، وروي نحوه عن مجاهد: الحسن.
ليس يجعل مكان السيئة الحسنة، لكن يجعل مكان السيئة التوبة، والحسنة مع التوبة. الزجاج:
وروى أبو ذر وروي معناه عن عن النبي (صلى الله عليه وسلم): "أن السيئات تبدل بحسنات"، سلمان الفارسي، وغيرهما. وسعيد بن جبير،
[ ص: 37 ] وقوله: فإنه يتوب إلى الله متابا أي يرجع إليه رجوعا، فيجازيه.
وقوله: والذين لا يشهدون الزور : وقال يعني: الشرك، الضحاك: الكذب، مجاهد: محمد بن علي: شهادة الزور; فالمعنى: لا يشهدون الشهادة الزور.
وقيل: {الزور} : كل كذب، وخنا، وسفه; فالمعنى: لا يشهدون كل مشهد يكون فيه ذلك.
وقوله: وإذا مروا باللغو مروا كراما : قال {اللغو} : المعاصي كلها، الحسن: الشرك، الضحاك: إذا أذوا صفحوا، مجاهد:
وعنه وعن إذا ذكروا النكاح، كنوا عنه. ابن جريج:
ومعنى مروا كراما : أكرموا أنفسهم عن الجلوس مع أهله والخوض فيه.
وقيل: مروا منكرين له، عن ابن زيد.
وقيل: هي منسوخة; لأنهم أمروا بعد ذلك إذا مروا باللغو - الذي هو الشرك - أن يقاتلوا أهله، وإذا مروا بمعصية أن يغيروها.
وقوله: والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا أي: لم يتغافلوا عنها ويتركوها حتى يكونوا بمنزلة من لا يسمع، ولا يبصر.
ومعنى لم يخروا : لم يقيموا على سماعها وهم بمنزلة الصم والعمي.
وقال: لم يخروا وليس ثم خرور; كما يقال: (قعد يبكي)، وإن كان غير قاعد.
وقيل: المعنى: لم يسجدوا صما وعميانا، لكن سجدوا سامعين مبصرين.
[ ص: 38 ] وقيل: المعنى: إذا أمروا بمعروف، أو نهوا عن منكر; قبلوا ذلك.
وقوله: هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين : قال معنى الضحاك: قرة أعين : مطيعين لك.
ومعنى واجعلنا للمتقين إماما : يقتدى بنا في الخير، ووحد (إماما) ; لأنه مصدر; كـ (القيام) ، وقيل: هو واحد يدل على الجمع، وقيل: هو جمع (آئم) ; كـ (قائم وقيام).
وقوله: أولئك يجزون الغرفة بما صبروا : (الغرفة) : منزل من منازل الجنة.
وقوله: قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم : أصل {يعبأ} : من العبء; وهو الثقل، فكأن المعنى: أي وزن لكم عند ربكم
لولا أنه أراد أن يدعوكم إلى طاعته؟
ابن عباس: لولا دعاؤكم : لولا إيمانكم.
هو مثل قوله: مجاهد: ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ; والمعنى: ما يفعل بكم ربي لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه؟
القتبي: المعنى: ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم غيره; أي: عبادتكم غيره.
[ ص: 39 ] وقوله: فقد كذبتم فسوف يكون لزاما : [قال يعني: يوم ابن مسعود: بدر.
المعنى: فسوف يكون التكذيب لزاما]; أي: يلزمكم، ولا تعطون التوبة. الزجاج:
وقيل: التقدير: فسوف يكون عاقبة التكذيب لزاما.
وعن أن (اللزام) : الموت. ابن عباس: