الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم : قيل: يعني: الناسخ، وقيل: يعني: الطاعة، لأن الله تعالى أخبر عن قوم أطاعوه، وعن قوم عصوه، وقيل: يعني العفو؛ لأن الله تعالى خير نبيه -صلى الله عليه وسلم- بين العفو والقصاص، وقيل: المعنى: اتبعوا الحسن من ربكم، و {من}: لبيان الجنس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله أي: في جنب أمر الله. [الضحاك: المعنى: في ذكر الله] يعني: القرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإن كنت لمن الساخرين أي: من المستهزئين بأمر الله وكتابه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال قتادة : هذا قول صنف منهم، وقال صنف آخر: لو أن الله هداني لكنت من المتقين ، وقال آخر: لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ، فقال الله تعالى: بلى قد جاءتك آياتي ، جاءت {بلى} على معنى لو أن الله هداني لأن [ ص: 536 ] معناه: ما هداني الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم أي: بنجاتهم من النار، السدي: أي: بفضيلتهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: بأعمالهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: له مقاليد السماوات والأرض (المقاليد): المفاتيح، عن ابن عباس وغيره، واحدها: (مقليد) وقيل: (مقلاد).

                                                                                                                                                                                                                                      السدي: (المقاليد): الخزائن; والمعنى: أن جميع ما فيها بيده، وفي قبضته.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك : قيل: إن في الكلام تقديما وتأخيرا; والتقدير: ولقد أوحي إليك لئن أشركت ليحبطن عملك، وأوحي إلى الذين من قبلك كذلك، وقيل: الكلام على ترتيبه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والأرض جميعا قبضته يوم القيامة أي: هو يملكها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والسماوات مطويات بيمينه قال ابن عباس : السماوات السبع والأرضون السبع وما بينها في يد الله عز وجل، كخردلة في يد أحدكم.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي: أن يهوديا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذه الآية، وقال: أين يكون الخلق [ ص: 537 ] حين ذلك؟ فقال: «هم فيها كرقم في الكتاب».

                                                                                                                                                                                                                                      وسألته عائشة -رضي الله عنها-: أين يكون الناس؟ فقال: «على الصراط».

                                                                                                                                                                                                                                      المبرد: معنى {بيمينه}: بقوته.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله : معنى (صعق): مات.

                                                                                                                                                                                                                                      قال كعب: قوله: إلا من شاء الله يراد به: جبريل وميكائيل وإسرافيل، وملك الموت، وحملة العرش، ثم يموتون بعد ذلك، وروي نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير في قوله: إلا من شاء الله قال: هم الشهداء، فهم متقلدو السيوف حول العرش.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو هريرة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «بين النفختين أربعون».

                                                                                                                                                                                                                                      قال الحسن : لا أدري; أربعون سنة، أم أربعون شهرا، أم أربعون ليلة، أم أربعون ساعة؟

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 538 ] وفي الخبر: إنها ثلاث نفخات، يفزع بالأولى الخلق، ويموتون بالثانية حتى لا يبقى إلا الله عز وجل، ثم يجيء إسرافيل فينفخ الثالثة، فيبعث الله بها الخلق.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأشرقت الأرض بنور ربها : روي: أن الأرض يومئذ من فضة، تشرق بنور الله تعالى حين يأتي لفصل القضاء; والمعنى: أنها أشرقت بنور خلقه الله -عز وجل- فأضاف النور إليه على حد إضافة الملك إلى المالك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وجيء بالنبيين والشهداء أي: جيء بهم، فسئلوا عما أجابتهم به أممهم، وجيء بالشهداء الذين يشهدون على الأمم.

                                                                                                                                                                                                                                      قيل: إنه قوله تعالى: لتكونوا شهداء على الناس [البقرة: 143].

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المراد: الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله عن السدي.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: هم الحفظة يشهدون على الناس بأعمالهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا (الزمر): الجماعات، وقيل: هم الذين لهم صوت كصوت المزمار.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 539 ] وقوله: حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال في قصة أهل الجنة: وفتحت أبوابها بالواو، وحذف الواو وإثباتها في الموضعين سواء في المعنى، فإثباتها عطف جملة على جملة، وحذفها للضمير العائد من الجملة الثانية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الواو في قصة أهل الجنة زائدة، وقيل: زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا؛ لكرامتهم على الله تعالى، والتقدير: حتى إذا جاؤوها وأبوابها مفتحة، وحذف الواو في قصة أهل النار؛ لأنهم وقفوا على النار، وفتحت بعد وقوفهم؛ إذلالا وترويعا لهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: زيدت الواو في قصة أهل الجنة؛ لأن أبواب الجنة ثمانية، وأبواب النار سبعة ففرق بينهما بزيادة الواو.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: طبتم فادخلوها خالدين أي: طبتم في الدنيا، وقيل: المعنى: طابت أعمالكم.

                                                                                                                                                                                                                                      والجواب: وقال لهم خزنتها ، أو وفتحت أبوابها والواو مقحمة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن الجواب محذوف، والمعنى: إذا جاؤوها، وفتحت أبوابها، وقال لهم خزنتها: سلام عليكم، طبتم، فادخلوها خالدين; دخلوها.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 540 ] وقوله: وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء : قيل: إنهم أورثوا الأرض التي كانت تكون لأهل النار لو كانوا مؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وترى الملائكة حافين من حول العرش : واحد {حافين}: حاف.

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء: لا واحد لهم; إذ لا يقع لهم الاسم إلا مجتمعين.

                                                                                                                                                                                                                                      ودخلت {من} على {حول} لأنه ظرف، والفعل يعدى إلى الظرف بحرف وبغير حرف.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية