الإعراب:
من قرأ: {فليعلمن الله الذين صدقوا} ; جاز أن يكون المعنى: ليعلمنهم ثواب صدقهم، وليعلمن الكاذبين عقاب كذبهم، وجاز أن يكون المعنى: ليجعلن لهم علامة يعرفون بها; من قولهم: (ثوب معلم ) وجاز أن يكون على تقدير حذف المفعول الأول; كأنه قال: فليعلمن الله الناس الذين صدقوا، وليعلمنهم الكاذبين; يعني: في يوم القيامة.
وقوله: ساء ما يحكمون : يجوز أن تكون {ما} معرفة في موضع رفع; التقدير: ساء الشيء الذي يحكمونه، يجوز أن تكون [نكرة في موضع نصب]; التقدير: ساء شيئا يحكمونه.
ابن كيسان: {ما} والفعل مصدر في موضع رفع، التقدير: ساء حكمهم.
وقوله: ووصينا الإنسان بوالديه حسنا : تقديره: ووصيناه أمرا ذا حسن; فأقيمت الصفة مقام الموصوف، وحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
ومن قرأ {إحسانا} ; فهو مصدر; التقدير: أن يحسن إليهما إحسانا،
[ ص: 186 ] ولا ينتصب بـ {وصينا} ; لأنه قد استوفى مفعوليه.
وإبراهيم إذ قال لقومه : {إبراهيم} : معطوف على (نوح ) ، أو على الهاء في (أنجيناه ) ، أو منصوب بإضمار فعل.
وقوله: وتخلقون إفكا : من قرأ: {وتخلقون} ; فالأصل: تتخلقون.
ومن قرأ {أفكا} ; جاز أن يكون مصدرا; كـ (الكذب ) ، و (الضحك ) ، أو صفة لمصدر محذوف; أي: تكذبون كذبا أفكا; فحذف المصدر، وأقيمت صفته مقامه; فـ (الأفك ) - على هذا - صفة; كـ (البطر ) و (الأشر ) .
ويجوز أن يكون اسم الفاعل من (أفك يأفك ) ، فهو (آفك ) ، فحذفت الألف منه، حسب ما تقدم في أمثاله.
ومن قرأ: {كيف يبدا الله الخلق} ; فالأصل: (يبدأ ) ; بالهمزة، فخففت بالبدل على غير قياس.
و {النشأة} و {النشآءة} ; كـ (الرأفة ) و (الرآفة ) وشبهه.
[ ص: 187 ] ومن قرأ: {مودة بينكم} ; جاز أن تكون (ما ) من قوله: إنما اتخذتم من دون الله أوثانا اسم (إن ) ، و {مودة} : الخبر، والعائد إلى (ما ) محذوف; التقدير: إن الذين اتخذتموهم من دون الله أوثانا ذوو مودة بينكم، ويجوز أن ترتفع {مودة} [على أنها خبر مبتدأ محذوف; التقدير: هو مودة بينكم، أو] بالابتداء، والخبر: في الحياة الدنيا ، والجملة خبر (إن ) .
ومن قرأ: {مودة بينكم} ; نصب {بينكم} على أنه ظرف، وهو الأصل، والإضافة على الاتساع، والعامل في الظرف: (المودة ) . ويجوز أن ينتصب {بينكم} على الصفة للمصدر [الذي هو {مودة} ، في قراءة من نصبها]; لأنها نكرة، والنكرات توصف بالظروف، والجمل، والأفعال، ويكون في {بينكم} ذكر يعود إلى الموصوف. ومن نصب {مودة} ; فـ (ما ) كافة، و {أوثانا} : مفعول {اتخذتم} ، والمفعول الثاني محذوف; التقدير: إنما اتخذتم من دون الله أوثانا آلهة، و {مودة} : مفعول من أجلها.
[ ص: 188 ] وإذا قدرت نصب {بينكم} على الظرف; جاز أن يكون قوله: في الحياة الدنيا ، ظرفا لـ (المودة ) أيضا، فيتعلق بـ (المودة ) ظرفان: {بينكم} ; وهو ظرف مكان، و في الحياة الدنيا ; وهو ظرف زمان; تقديره: في وقت الحياة الدنيا، وليس في واحد من الظرفين ذكر، ولا يمتنع تعلق الظرفين بعامل واحد; لأنهما مختلفان، وإنما يمتنع ذلك لو كانا متفقين. وإن قدرت {بينكم} صفة للمصدر الذي هو {مودة} ; جاز أن يكون ظرف الزمان حالا من الذكر الذي في {بينكم} ، [والذكر يعود إلى (المودة ) ، فيتعلق إذا كان حالا بمحذوف، ويكون فيه ذكر يعود إلى الضمير الذي في {بينكم} ]; وهو ذو الحال، والعامل في الحال الظرف; وهو {بينكم} . ويجوز أن يكون {بينكم} صفة لـ (المودة ) ، [وظرف الزمان متعلقا بالمودة]; لأن الظروف يعمل فيها المعنى، ولا يجوز أن تعمل {مودة} في في الحياة الدنيا وهو حال من المضمر في {بينكم} ; لأن المصدر لا يعمل بعد الصفة، وقد وصف بقوله: {بينكم} ; إذ المعمول فيه داخل في [ ص: 189 ] الصلة، والصفة غير داخلة في الصلة، ففيه التفرقة بين الصلة والموصول. قوله:
ويجوز أن يكون كل واحد من قوله: {بينكم} و في الحياة الدنيا صفة لـ {مودة} ، فيكون في كل واحد منهما ضمير يعود إلى (المودة ) ، والعامل فيهما المحذوف الذي هو صفة على الحقيقة، وهو الذي كان فيه الضمير، فلما قام الظرف مقامه; انتقل الضمير إليه، كما ينتقل إلى الظروف إذا كانت أخبارا للمبتدأ; والتقدير: إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة مستقرة بينكم ثابتة في الحياة الدنيا.