الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله : قال ابن عباس، ومجاهد: هو الرجل يهدي إلى الرجل الهدية، يطلب أفضل منها، فليس له أجر، ولا عليه إثم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنما حجر هذا على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة؛ كما قال في موضع آخر: ولا تمنن تستكثر [المدثر: 6].

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: يراد به: الربا المحرم؛ فمعنى (لا يربو عند الله) على هذا: لا يحكم [ ص: 221 ] به لآخذه، [بل] هو للمأخوذ منه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو الرجل يعطي الرجل؛ ليخدمه، لا لثواب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله أي: صدقة، عن ابن عباس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فأولئك هم المضعفون أي: الذين يجدون أضعاف ذلك؛ أي: فأولئك هم ذوو الأضعاف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس : قال مجاهد: (الفساد في البر): قتل ابن آدم أخاه، و (في البحر): أخذ السفينة غصبا.

                                                                                                                                                                                                                                      عكرمة وقتادة: {البر}: البوادي، و {البحر}: القرى؛ والتقدير على هذا: في مواضع البر، وفي مواضع البحر؛ أي: السواحل التي على البحر.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: {الفساد}: الشرك؛ يعني: قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: {الفساد}: المعاصي، وقطع السبل، والظلم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: هو نقصان البركة بأعمال العباد؛ كي يتوبوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لعلهم يرجعون : أي: عن المعاصي.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 222 ] وقوله: فأقم وجهك للدين القيم أي: اجعل قصدك إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يعنى: يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      يومئذ يصدعون أي: يتفرقون فريقين؛ فريقا في الجنة، وفريقا في السعير.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فلأنفسهم يمهدون أي: يوطئون لقدومهم على الله تعالى، مجاهد: في القبر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ليجزي الذين آمنوا أي: يتفرقون؛ ليخص بالجزاء من فضله المؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فانتقمنا من الذين أجرموا : هذا الوقف عند نافع، وروي عن بعض الكوفيين الوقف على وكان حقا ؛ أي: وكان عقابنا حقا، ثم قال: علينا نصر المؤمنين ابتداء وخبر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين : تكرير من قبله عند الأخفش توكيد.

                                                                                                                                                                                                                                      قطرب: المعنى: وإن كانوا من قبل التنزيل من قبل المطر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 223 ] وقيل: المعنى: من قبل تنزيل الغيث عليهم، من قبل الزرع، ودل على (الزرع) المطر؛ إذ بسببه يكون، ودل عليه أيضا: فرأوه مصفرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: من قبل السحاب؛ أي من قبل رؤيته.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فانظر إلى آثار رحمت الله يعني: المطر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا أي: فرأوا النبات مصفرا، [وقيل: الهاء لـ (الأثر) ؛ والمعنى: فرأوا الأثر مصفرا]، وقيل: الهاء لـ (السحاب)، وقيل: لـ (الريح).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لظلوا من بعده يكفرون أي: ليظلن، وحسن وقوع الماضي في موضع المستقبل؛ لما في الكلام من معنى المجازاة، والمجازاة لا تكون إلا بمستقبل، قاله الخليل وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: الله الذي خلقكم من ضعف أي: في حال ضعف، [ ثم جعل من بعد ضعف قوة يعني: الشبيبة]، ثم جعل من بعد قوة ضعفا يعني: الهرم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة أي: ما لبثوا في القبور إلا ساعة، وقيل: المعنى: ما لبثوا في الدنيا غير ساعة، هان عليهم مكثهم [ ص: 224 ] في الدنيا، وقد تقدم القول في نحوه في (المؤمنين) [112-114].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كذلك كانوا يؤفكون أي: كما صرفوا عن الحق في قسمهم إنهم ما لبثوا غير ساعة؛ كذلك كانوا يصرفون عن الحق في الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث المعنى: أن في خبر كتاب الله أنكم لبثتم في قبوركم إلى يوم البعث.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: في الكلام تقديم وتأخير؛ والمعنى: وقال الذين أوتوا العلم والإيمان في كتاب الله: لقد لبثتم إلى يوم البعث، قاله قتادة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون أي: لا يستخفنك الشاكون، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد: أمته.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية