التفسير:
إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة : معناه: علم الشهادة الذي يقع به الثواب والعقاب، وليس قوله: معنى قوله: إلا لنعلم بجواب قوله: وما كان له عليهم من سلطان في ظاهره، إنما هو محمول على المعنى؛ والمعنى: ما جعلنا له عليهم سلطانا إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة.
وقوله: قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله : مفعول {زعمتم} جملة محذوفة دل عليها الخطاب؛ والتقدير: زعمتم أنهم ينصرونكم من دون الله.
وقوله: وما لهم فيهما من شرك يعني: في السماوات والأرض.
وقوله: وما له منهم من ظهير أي: ما له من الآلهة التي تعبدونها من دونه من معين فيما خلق.
وقوله: ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له : قيل: إن (من) للشافع، والمراد به: الملائكة؛ والمعنى: لمن أذن له أن يشفع في غيره، فهو كقوله: [ ص: 343 ] ولا يشفعون إلا لمن ارتضى [الأنبياء: 28]، وقيل: هي للمشفوع له، والتقدير: إلا لمن أذن له أن يشفع فيه.
وقوله: حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق : قال ابن عباس: معنى فزع عن قلوبهم : جلي عنها الفزع.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا قضى الله تعالى الأمر في السماء؛ ضربت الملائكة بأجنحتها؛ خضوعا لله عز وجل، فيسمع كالسلسلة على الصفوان، فيقولون: ماذا قال ربكم؟ فيقال: قال الحق".
هذا في بني آدم، أقروا بالله حين لا ينفعهم ذلك؛ والمعنى: حتى إذا فزع الشيطان عن قلوبهم، وفارقهم ما كان يضلهم به، قالوا: ماذا قال ربكم؟ فالكلام على هذا مردود على ما تقدم ذكره من الذين صدق عليهم [ ص: 344 ] إبليس ظنه، وهو على الوجه الأول مردود على قوله: ابن زيد: ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ؛ [على تقدير: إلا لمن أذن له] من الملائكة أن يشفع.
وقوله: وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين المعنى: وإنا لعلى هدى أو في ضلال مبين، وإنكم لكذلك؛ كما تقول: (قد علمت أينا الكذوب؟).
وتقدم معنى يفتح بيننا .
وقوله: قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا أي: ليس الأمر كما زعمتم، وقيل: إن {كلا} رد لجوابهم المحذوف؛ كأنه لما قال: أروني الذين ألحقتم به شركاء؛ قالوا: هي الأصنام، فقال: كلا؛ أي: ليس له شركاء؛ بل هو الله العزيز الحكيم .
وقوله: وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه : الذين كفروا : كفار قريش، قالوا: لن نؤمن بهذا القرآن، ولا بالكتب المتقدمة.
وقوله: بل مكر الليل والنهار ؛ معناه: بل مكركم بالليل والنهار، صدنا، روي معناه عن قتادة.
[ ص: 345 ] ومن قرأ: {بل مكر الليل والنهار} ؛ فمعناه: بل مرور الليل والنهار غرنا.
وقوله: وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا قال المعنى: إلا أن من آ من وعمل صالحا؛ فلن يضره ماله وولده في الدنيا. ابن جبير:
فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا ؛ يعني: قوله: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها [الأنعام: 160].
وقوله: وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه : قال يعني: النفقة على العيال، وعلى نفسه، لا النفقة في سبيل الله. الضحاك:
المعنى ما أنفقتم من غير سرف ولا تقتير؛ فالله يخلفه بالثواب. ابن جبير:
إن كان خلف؛ فمنه، وربما لم يخلف له حتى يموت. مجاهد:
وقوله: وهو خير الرازقين ؛ لأن من الناس من يرزق غيره مما رزقه الله عز وجل.
[ ص: 346 ] وقوله: وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم أي: كذب الذين من قبل هؤلاء، وما بلغ هؤلاء معشار ما أوتي الذين من قبلهم؛ لأن أولئك كانوا أجلد، وأقوى، وأطول أعمارا، فأهلكوا.
و (المعشار) و (العشر) سواء، وقيل: (المعشار): عشر العشر.
وقوله: قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا : قال معنى قوله: {بواحدة} بطاعة الله عز وجل، ومعنى مجاهد: مثنى وفرادى أي: يقوم أحدكم لله عز وجل وحده، ويشاور غيره؛ فيقول: هل علمت أن محمدا كذب، أو كهن، أو سحر، أو شعر قط؟
والوقف عند أبي حاتم على ثم تتفكروا ، وقيل: ليس هو بوقف؛ لأن المعنى: ثم تتفكروا هل جربتم على صاحبكم كذبا، وأو رأيتم به جنة؟
وقوله: قل ما سألتكم من أجر فهو لكم يعني: على تأدية الرسالة.