التفسير
قيل في معنى قوله تعالى: {يس} ما قدمناه في حروف التهجي في أول (سورة البقرة) وروي عن أيضا أنه قال: معناها: يا إنسان. الحسن
[ ص: 382 ] : جاء في التفسير أن المعنى: يا إنسان، وجاء: يا رجل، ويا الزجاج محمد. وفي خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها اسم من الأسماء التي سماها الله تعالى بها» وقوله: إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم : قيل: إنه خبر بعد خبر، وقيل: المعنى: إنك لمن المرسلين على استقامة، فيكون قوله تعالى على صراط مستقيم من صلة {المرسلين} .
وقوله: لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم : قيل: إن {ما} والفعل مصدر، وقيل: هي بمعنى: (الذي) فالمعنى: لتنذرهم، مثلما أنذر آباؤهم، وهو معنى قول قتادة وعن وعكرمة، أيضا: أن {ما} نفي، قال: والمعنى: لتنذر قوما ما أتى آباءهم قبلك من نذير. قتادة
وقوله: لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون أي: وجب القول عليهم أنهم من أهل النار، وهذا في من سبق في علم الله تعالى أنه يموت على كفره.
وقوله: إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا : قيل: إنه يوم القيامة، أخبر عنه بلفظ المضي.
[ ص: 383 ] المعنى: منعناهم من الإنفاق في سبيل الله. الضحاك:
[وقيل: هو تمثيل لمنعه إياهم من الإيمان] وقيل: هو تمثيل لمنعه إياهم من أذى النبي صلى الله عليه وسلم.
وغيره: نزلت في عكرمة أبي جهل لعنه الله.
: أقسم ابن عباس أبو جهل لئن رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي ليدمغنه بحجر، فأخذ حجرا والنبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي; ليرميه، فلما أومأ به إليه، رجعت يده إلى عنقه، والتصق الحجر بيده، فهو قوله: إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا .
ابن إسحاق: جلس عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو جهل، وأمية بن خلف; يرصدون النبي -صلى الله عليه وسلم- ليؤذوه، فخرج وقرأ عليهم أول (سورة يس) ورمى على رؤوسهم ترابا كان في يده، فأطرقوا حتى مر صلى الله عليه وسلم.
وقوله: فهي إلى الأذقان يعني: أيمانهم، كنى عنها; لأنها مغلولة، وكذلك قرأ {إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا}. ابن مسعود:
.
[ ص: 384 ] وقيل: التقدير: فالأغلال إلى الأذقان بالأيمان، فحذف.
وقوله: {فهم مقمحون}: (المقمح) في اللغة: الرافع رأسه، الغاض بصره، وقيل: الرافع رأسه لمكروه.
هو الذي يجذب وهو رافع رأسه. أبو عبيدة:
: المعنى: أنهم رفعوا رؤوسهم، وشخصوا بأبصارهم، وعنه أيضا أنهم رفعوا رؤوسهم، وأيديهم على أفواههم. مجاهد
وقيل: (المقمح) و (المقمع) والمقنع) سواء، وقد تقدم ذكر (المقنع).
: {مقمحون} مغللون عن كل خير. قتادة
وسئل -رضي الله عنه- عن الإقماح; فجعل يده، تحت لحيته، وألصقها [ ص: 385 ] ورفع رأسه.
وقوله: وجعلنا من بين أيديهم سدا : قال و مجاهد : سدا عن الحق، وقيل: هو منعهم من أذى النبي صلى الله عليه وسلم. قتادة
وقوله: {فأغشيناهم} أي: جعلنا على أعينهم غشاء، ومن قرأ {فأعشيناهم} فهو من (العشى) في العين; كما قال في موضع آخر: ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين [الزخرف: 36].
وقوله: وخشي الرحمن بالغيب أي: يخشاه في مغيبه عن أبصار الناس، وانفراده بنفسه.
وقوله: إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم : قال : كانت الأنصار بعيدة من المسجد، فقالوا: نأخذ أمكنة بقرب المسجد; فأنزل الله تعالى الآية، فقالوا: نثبت في مكاننا. ابن عباس
: {وآثارهم}: خطاهم. مجاهد
ابن جبير: ما قدموا : أعمالهم التي عملوها، و {وآثارهم}: ما سنوه يعمل به بعدهم.
[ ص: 386 ] وقوله: وكل شيء أحصيناه في إمام مبين يعني: اللوح المحفوظ، وقيل: صحائف الأعمال.
وقوله: واضرب لهم مثلا أصحاب القرية : قال كعب هي ووهب: أنطاكية، كان بها فرعون يقال له: أبطنخس بن أبطنخس، يعبد الأصنام، فأرسل الله تعالى إليه ثلاثة; وهم صادق، وصدوق، وشلوم.
وقوله: فعززنا بثالث أي: شددنا، وقوينا.
وقوله: قالوا إنا تطيرنا بكم أي: تشاءمنا بكم.
{لنرجمنكم} أي: لنقتلنكم رجما.
وقوله: قالوا طائركم معكم أي: حظكم من الخير والشر معكم، ليس هو من شؤمنا.
: معناه: الأرزاق والأقدار تتبعكم. ابن عباس
أإن ذكرتم : قال : المعنى: أإن ذكرتم تطيرتم؟ قتادة
وقوله: وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى : قال : هو مجاهد حبيب النجار، قال ، كان يعبد الله في غار، فلما سمع بخبر المرسلين; جاء يسعى، فقال للمرسلين: أتطلبون على ما جئتم به أجرا؟ قالوا: لا، فأقبل على قومه، فقال: قتادة يا قوم اتبعوا المرسلين كما أخبر الله عز وجل، ثم قال للمرسلين: إني آمنت بربكم فاسمعون ، كعب إنما قال ذلك لقومه. ووهب:
[ ص: 387 ] قال : فرجمه قومه، فجعل يقول: اللهم اهد قومي; فإنهم لا يعلمون، فرجموه حتى مات، فأدخله الله الجنة، وأهلك قومه. قتادة
قال : معنى قوله: مجاهد قيل ادخل الجنة : وجبت لك الجنة.