الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 437 ] الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      من قرأ: بزينة الكواكب فـ {الكواكب}: بدل من (الزينة) لأنها هي، ومن نصب {الكواكب} جاز أن يكون نصبها بالمصدر الذي هو (زينة) والتقدير: بأن زينا الكواكب فيها، ويجوز أن تكون منصوبة بإضمار (أعني) وقيل: هي بدل من (زينة) على الموضع.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ بالإضافة; فالمعنى: زينا السماء الدنيا بتزيين الكواكب، أي: بحسن الكواكب، ويجوز أن تكون كقراءة من نون، إلا أنه حذف التنوين استخفافا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: {وحفظا}: مصدر; أي: وحفظناها حفظا.

                                                                                                                                                                                                                                      والقول في {يسمعون} {يسمعون} ظاهر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويقذفون من كل جانب دحورا : {دحورا}: منصوب على المصدر; لأن معنى {يقذفون}: يدحرون، ومن فتح الدال، جاز أن يكون [ ص: 438 ] مثل ما جاء من المصادر على (فعول) وقد تقدم ذلك في مواضع من الكتاب، ويجوز أن يقدر فيه حذف حرف الجر، فيكون المعنى: ويقذفون بداحر، أو بما يدحر.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {خطف} فأصله: اختطف، وقد تقدم نظيره في (البقرة) [20].

                                                                                                                                                                                                                                      وموضع {من} من قوله إلا من خطف الخطفة : يجوز أن يكون رفعا على البدل من المضمر في {يسمعون} أو على تقدير: لكن من خطف الخطفة، أو يكون نصبا على الاستثناء من المنفي عنهم السمع، أو على الاستثناء من قوله: {ويقذفون} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: بل عجبت ويسخرون : من فتح التاء، فهو على الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- ومن ضم; جاز أن يكون على معنى: إن حالهم إذا تأملتموها كانت مما يقول القائل منكم فيها: عجبت! ويجوز أن يكون على إضمار القول، كأنه قال: قل يا [ ص: 439 ] محمد: عجبت! وإضمار القول كثير، وقد تقدم القول فيه، ويجوز أن يكون إخبار الله تعالى عن نفسه بالعجب محمولا على أنه ظهر من أمره وسخطه على من كفر به ما يقوم مقام العجب من المخلوقين; كما يحمل إخباره تعالى عن نفسه بالضحك لمن رضي عنه -على ما جاء في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم- على أنه أظهر له من رضاه عنه ما يقوم له مقام الضحك من المخلوقين، مجازا واتساعا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولا هم عنها ينزفون : من قرأ بكسر الزاي; جاز أن يكون معنى لا فيها غول : لا تغتال عقولهم، ومعنى {ولا هم عنها ينزفون}: لا ينفد شرابهم، ولا يكون معناه: يسكرون، فيكون تكريرا، ويسوغ ذلك في (الواقعة).

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون معنى لا فيها غول : لا يمرضون، فيكون معنى {ولا هم عنها ينزفون}: لا يسكرون، أو لا ينفد شرابهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ينزفون} فمعناه: لا يسكرون، وقد تقدم القول فيه [ ص: 440 ] في التفسير.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {هل أنتم مطلعون} بإسكان الطاء، وفتح النون، {فأطلع} فمعناه: هل أنتم مقبلون؟ فأقبل; من قولهم (أطلع) إذا أقبل، فـ (أطلع) على هذا مسند إلى مصدره، والمعنى: فأطلع الإطلاع، كما يقال: (قد قيم) أي: قد قيم القيام.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو على قراءة من كسر النون يجوز أن يكون مستقبلا منصوبا; لأنه جواب الاستفهام بالفاء; والمعنى: هل أنتم مطلعي فأطلع أنا؟ ويجوز أن يكون ماضيا; على معنى: فأطلع المؤمن، ووجه كسر النون: أنه أجرى اسم الفاعل مجرى المضارع؛ لقربه منه، فجرى (مطلعون) مجرى (تطلعون) ذكره أبو الفتح، وأنشد: [من الرجز]


                                                                                                                                                                                                                                      أريت إن جئت به أملودا مرجلا ويلبس البرودا     أقائلن أحضروا الشهودا



                                                                                                                                                                                                                                      فأجرى (أقائلن) مجرى (أتقولن) وأنكر أبو حاتم وغيره كسر النون، [ ص: 441 ] وقال: لو كان كذلك لم يكن إلا (مطلعي).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لشوبا من حميم : (الشوب) و (الشوب): لغتان، كـ (الفقر والفقر) والفتح أشهر، معناه الخلط.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية