قوله تعالى: لا جرم أنما تدعونني إليه ، وأن مردنا إلى الله ، وأن المسرفين : {أن} في المواضع الثلاثة في موضع نصب بإسقاط حرف الجر.
وعلى ما حكاه عن سيبويه الخليل -من أن لا جرم رد للكلام- يجوز أن يكون موضع {أن} رفعا، على تقدير: وجب أن ما تدعونني إليه; كأنه قال: وجب بطلان ما تدعونني إليه، والمرد إلى الله عز وجل، وكون المسرفين هم أصحاب النار.
وقوله: ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون : من قرأه من (أدخل) فالمعنى: يقال للملائكة: أدخلوا آل فرعون أشد العذاب، فـ {آل}: مفعول أول، و {أشد}: مفعول ثان بحذف الجار، ومن قرأه من (دخل) [ ص: 577 ] فالمعنى: يقال لهم: ادخلوا يا آل فرعون أشد العذاب، فـ {آل}: منصوب على النداء.
وانتصاب {يوم} في قوله: ويوم تقوم الساعة : يجوز أن يكون بـ {أدخلوا} فيوقف على قوله: {وعشيا} ويجوز أن يكون بـ {يعرضون} على معنى: يعرضون على النار في الدنيا، ويوم تقوم الساعة، فلا يوقف على {وعشيا} ويوقف على {الساعة}.
وقوله: وإذ يتحاجون في النار : يجوز أن يكون معطوفا على وأنذرهم يوم الآزفة [غافر: 18] فلا يوقف على {العذاب} ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار فعل، فيوقف على {العذاب} .
والوقف على قوله: وحاق بآل فرعون سوء العذاب حسن، إن قدر ارتفاع {النار} بالابتداء، أو على إضمار مبتدأ، ولا يوقف عليه إن قدر بدلا.
[ ص: 578 ] إنا كل فيها : قوله: {فيها}: صفة لـ {كل} و {كل}: نكرة، ولا يصح حمله على الحال؛ إذ ليس في الكلام ما يكون حالا عنه. وقوله:
ويجوز أن يكون {كل} و {فيها} جميعا الخبر، كقولك: (هذا حلو حامض) فيجوز على هذا أن يتعلق {فيها} بمضمر، على حد قولك: (زيد في الدار).
وأجاز الكسائي نصب {كل} على النعت للمضمر، ولا ينعت المضمر عند والفراء البصريين، ووجه قول الكسائي أنه تأكيد للمضمر، والفراء: والكوفيون يسمون التأكيد نعتا، و {كل} وإن كان لفظه نكرة، فهو معرفة عند على تقدير الإضافة والحذف، ولا يجوز فيه البدل؛ لأن المخبر عن نفسه لا يبدل منه غيره. سيبويه،
وقوله: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم يوم} الثاني: بدل من {يوم} الأول.
ومن قرأ {والسلاسل} بالرفع; عطفه على {الأغلال} و {يسحبون}: حال من الهاء والميم في {أعناقهم} ويجوز أن يكون مستأنفا.
ومن قرأ: {والسلاسل يسحبون} نصب {السلاسل} بـ{يسحبون} وعطف الجملة التي من الفعل والفاعل على الجملة التي من الابتداء والخبر.
[ ص: 579 ] وقد حكي عن بعضهم: {والسلاسل يسحبون} بالجر، ووجهه: أنه محمول على المعنى; لأن المعنى: أعناقهم في الأغلال والسلاسل، ومثله في الحمل على المعنى: [من الرجز]
قد سالم الحيات منه القدما الأفعوان والشجاع الشجعما
لأن ما سالمك فقد سالمته وكذلك الأعناق في الأغلال والسلاسل مثل الأغلال والسلاسل في الأعناق.
: التقدير: وفي السلاسل يسحبون في الحميم [على تقدير: يسحبون في الحميم] والسلاسل، ثم تقدم المعطوف على المجرور، وليس ذلك بمستقيم؛ لأن المعطوف لا يقدم على ما فيه حرف الجر، لا يجوز: (مررت وزيد بعمرو) وذلك جائز في المرفوع; نحو (قام وزيد عمرو) ويستقبح في المنصوب. الزجاج
وقوله: منهم من قصصنا عليك أي: قصصنا ذكره، فحذف المضاف؛ لأن [ ص: 580 ] الأشخاص لا تقص.
* * *
هذه السورة مكية، وعددها في المدنيين والمكي: أربع وثمانون آية، وفي الكوفي: خمس، وفي الشامي: ست، وفي البصري: اثنتان.
اختلف منها في تسع آيات:
{حم} [1]: كوفي.
يوم التلاق [15]: الجماعة سوى الشامي.
يوم هم بارزون [16]: شامي.
{كاظمين} [18]: الجماعة سوى الكوفي.
بني إسرائيل الكتاب [53]: الجماعة سوى المدني الأخير، والبصري.
{يسحبون} [71]: كوفي، ومدني الأخير، وشامي.
في الحميم [72]: مدني الأول، ومكي.
أين ما كنتم تشركون [73]: كوفي، وشامي.
الأعمى والبصير [58]: مدني الأخير وشامي.
* * *