الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 576 ] الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: لا جرم أنما تدعونني إليه ، وأن مردنا إلى الله ، وأن المسرفين : {أن} في المواضع الثلاثة في موضع نصب بإسقاط حرف الجر.

                                                                                                                                                                                                                                      وعلى ما حكاه سيبويه عن الخليل -من أن لا جرم رد للكلام- يجوز أن يكون موضع {أن} رفعا، على تقدير: وجب أن ما تدعونني إليه; كأنه قال: وجب بطلان ما تدعونني إليه، والمرد إلى الله عز وجل، وكون المسرفين هم أصحاب النار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون : من قرأه من (أدخل) فالمعنى: يقال للملائكة: أدخلوا آل فرعون أشد العذاب، فـ {آل}: مفعول أول، و {أشد}: مفعول ثان بحذف الجار، ومن قرأه من (دخل) [ ص: 577 ] فالمعنى: يقال لهم: ادخلوا يا آل فرعون أشد العذاب، فـ {آل}: منصوب على النداء.

                                                                                                                                                                                                                                      وانتصاب {يوم} في قوله: ويوم تقوم الساعة : يجوز أن يكون بـ {أدخلوا} فيوقف على قوله: {وعشيا} ويجوز أن يكون بـ {يعرضون} على معنى: يعرضون على النار في الدنيا، ويوم تقوم الساعة، فلا يوقف على {وعشيا} ويوقف على {الساعة}.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإذ يتحاجون في النار : يجوز أن يكون معطوفا على وأنذرهم يوم الآزفة [غافر: 18] فلا يوقف على {العذاب} ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار فعل، فيوقف على {العذاب} .

                                                                                                                                                                                                                                      والوقف على قوله: وحاق بآل فرعون سوء العذاب حسن، إن قدر ارتفاع {النار} بالابتداء، أو على إضمار مبتدأ، ولا يوقف عليه إن قدر بدلا.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 578 ] وقوله: إنا كل فيها : قوله: {فيها}: صفة لـ {كل} و {كل}: نكرة، ولا يصح حمله على الحال؛ إذ ليس في الكلام ما يكون حالا عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون {كل} و {فيها} جميعا الخبر، كقولك: (هذا حلو حامض) فيجوز على هذا أن يتعلق {فيها} بمضمر، على حد قولك: (زيد في الدار).

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز الكسائي والفراء نصب {كل} على النعت للمضمر، ولا ينعت المضمر عند البصريين، ووجه قول الكسائي والفراء: أنه تأكيد للمضمر، والكوفيون يسمون التأكيد نعتا، و {كل} وإن كان لفظه نكرة، فهو معرفة عند سيبويه، على تقدير الإضافة والحذف، ولا يجوز فيه البدل؛ لأن المخبر عن نفسه لا يبدل منه غيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم يوم} الثاني: بدل من {يوم} الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ {والسلاسل} بالرفع; عطفه على {الأغلال} و {يسحبون}: حال من الهاء والميم في {أعناقهم} ويجوز أن يكون مستأنفا.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {والسلاسل يسحبون} نصب {السلاسل} بـ{يسحبون} وعطف الجملة التي من الفعل والفاعل على الجملة التي من الابتداء والخبر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 579 ] وقد حكي عن بعضهم: {والسلاسل يسحبون} بالجر، ووجهه: أنه محمول على المعنى; لأن المعنى: أعناقهم في الأغلال والسلاسل، ومثله في الحمل على المعنى: [من الرجز]


                                                                                                                                                                                                                                      قد سالم الحيات منه القدما الأفعوان والشجاع الشجعما



                                                                                                                                                                                                                                      لأن ما سالمك فقد سالمته وكذلك الأعناق في الأغلال والسلاسل مثل الأغلال والسلاسل في الأعناق.

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج : التقدير: وفي السلاسل يسحبون في الحميم [على تقدير: يسحبون في الحميم] والسلاسل، ثم تقدم المعطوف على المجرور، وليس ذلك بمستقيم؛ لأن المعطوف لا يقدم على ما فيه حرف الجر، لا يجوز: (مررت وزيد بعمرو) وذلك جائز في المرفوع; نحو (قام وزيد عمرو) ويستقبح في المنصوب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: منهم من قصصنا عليك أي: قصصنا ذكره، فحذف المضاف؛ لأن [ ص: 580 ] الأشخاص لا تقص.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      هذه السورة مكية، وعددها في المدنيين والمكي: أربع وثمانون آية، وفي الكوفي: خمس، وفي الشامي: ست، وفي البصري: اثنتان.

                                                                                                                                                                                                                                      اختلف منها في تسع آيات:

                                                                                                                                                                                                                                      {حم} [1]: كوفي.

                                                                                                                                                                                                                                      يوم التلاق [15]: الجماعة سوى الشامي.

                                                                                                                                                                                                                                      يوم هم بارزون [16]: شامي.

                                                                                                                                                                                                                                      {كاظمين} [18]: الجماعة سوى الكوفي.

                                                                                                                                                                                                                                      بني إسرائيل الكتاب [53]: الجماعة سوى المدني الأخير، والبصري.

                                                                                                                                                                                                                                      {يسحبون} [71]: كوفي، ومدني الأخير، وشامي.

                                                                                                                                                                                                                                      في الحميم [72]: مدني الأول، ومكي.

                                                                                                                                                                                                                                      أين ما كنتم تشركون [73]: كوفي، وشامي.

                                                                                                                                                                                                                                      الأعمى والبصير [58]: مدني الأخير وشامي.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية