5299 [ ص: 566 ] (باب الصدقة في المساكين وابن السبيل)

وقال النووي في الجزء الخامس:

(باب فضل الإنفاق، على المساكين وابن السبيل)

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 114 - 115 ج8 المطبعة المصرية

[عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينا رجل بفلاة من الأرض، فسمع صوتا في سحابة (اسق حديقة فلان) فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله! ما اسمك؟ قال: (فلان) للاسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله! لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان (لاسمك) . فما تصنع فيها؟ قال: أما إذ قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثا وأرد فيها ثلثه " ] [ ص: 567 ]

5299 [ ص: 566 ] (بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْجُزْءِ الْخَامِسِ:

(بَابُ فَضْلِ الْإِنْفَاقِ، عَلَى الْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)

(حَدِيثُ الْبَابِ)

وَهُوَ بِصَحِيحِ مُسْلِمٍ \ النَّوَوِيُّ ص 114 - 115 ج8 الْمَطْبَعَةُ الْمِصْرِيَّةُ

[عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ (اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ) فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: (فُلَانٌ) لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ (لِاسْمِكَ) . فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَا إِذْ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ " ] [ ص: 567 ]

التالي السابق

الشرح

[ ص: 567 ] (الشَّرْحُ)

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ. فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِي حَدِيقَةَ فُلَانٍ") .

الْحَدِيقَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ النَّخِيلِ. وَتُطْلَقُ عَلَى الْأَرْضِ ذَاتِ الشَّجَرِ.

(فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ) .

مَعْنَى " تَنَحَّى ": قَصَدَ. يُقَالُ: تَنَحَّيْتُ الشَّيْءَ وَانْتَحَيْتُهُ، وَنَحْوَهُ: إِذَا قَصَدْتُهُ.

وَمِنْهُ سُمِّيَ " عِلْمُ النَّحْوِ "؛ لِأَنَّهُ قَصْدُ كَلَامِ الْعَرَبِ.

(فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ. هِيَ أَرْضٌ مُلْبَسَةٌ حِجَارَةً سُودًا.

(فَإِذَا شَرْجَةٌ) بِفَتْحِ الشِّينِ، وَإِسْكَانِ الرَّاءِ. (مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ) بِكَسْرِ الشِّينِ: جَمْعُ (شَرْجَةٍ) . وَهِيَ مَسَائِلُ الْمَاءِ فِي الْحِرَارِ.

(قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ، يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمَسْحَاتِهِ. فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ.

لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ، [ ص: 568 ] يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ. (لِاسْمِكَ). فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَا إِذْ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلْثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلْثَهُ) .

وَفِي رِوَايَةٍ: (وَأَجْعَلُ لَهُ فِي الْمَسَاكِينِ، وَالسَّائِلِينَ، وَابْنِ السَّبِيلِ) .

فِيهِ: فَضْلُ الصَّدَقَةِ. وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْمَسَاكِينِ، وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ.

وَفَضْلُ أَكْلِ الْإِنْسَانِ مِنْ كَسْبِهِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْعِيَالِ.

[ ص: 567 ] (الشرح)

(عن أبي هريرة ) رضي الله عنه، (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينا رجل بفلاة من الأرض. فسمع صوتا في سحابة: اسقي حديقة فلان") .

الحديقة: القطعة من النخيل. وتطلق على الأرض ذات الشجر.

(فتنحى ذلك السحاب) .

معنى " تنحى ": قصد. يقال: تنحيت الشيء وانتحيته، ونحوه: إذا قصدته.

ومنه سمي " علم النحو "؛ لأنه قصد كلام العرب.

(فأفرغ ماءه في حرة) بفتح الحاء. هي أرض ملبسة حجارة سودا.

(فإذا شرجة) بفتح الشين، وإسكان الراء. (من تلك الشراج) بكسر الشين: جمع (شرجة) . وهي مسائل الماء في الحرار.

(قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته، يحول الماء بمسحاته. فقال له: يا عبد الله! ما اسمك؟ قال: فلان.

للاسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله! لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه، [ ص: 568 ] يقول: اسق حديقة فلان. (لاسمك). فما تصنع فيها؟ قال: أما إذ قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق به، وآكل أنا وعيالي ثلثا، وأرد فيها ثلثه) .

وفي رواية: (وأجعل له في المساكين، والسائلين، وابن السبيل) .

فيه: فضل الصدقة. والإحسان إلى المساكين، وأبناء السبيل.

وفضل أكل الإنسان من كسبه، والإنفاق على العيال.