الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              214 (باب إعطاء من يخاف على إيمانه)

                                                                                                                              وقال النووي في الجزء الأول من شرحه:

                                                                                                                              (باب تألف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه. والنهي عن القطع بالإيمان، من غير دليل قاطع) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 180 ج 2 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عامر بن سعد، ، عن أبيه قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 477 ] قسما، فقلت: يا رسول الله، أعط فلانا؛ فإنه مؤمن. فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أو مسلم". أقولها ثلاثا، ويرددها علي ثلاثا: "أو مسلم".

                                                                                                                              ثم قال: "إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار"
                                                                                                                              .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن سعد) بن أبي وقاص " رضي الله عنه " (قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما) بفتح القاف.

                                                                                                                              (فقلت: يا رسول الله! أعط فلانا، فإنه مؤمن. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أو مسلم".

                                                                                                                              أقولها "ثلاثا"، ويرددها علي ثلاثا: "أو مسلم"، بإسكان الواو.

                                                                                                                              ثم قال: "إني لأعطي الرجل، وغيره أحب إلي منه: مخافة أن يكبه الله في النار") بفتح الياء.

                                                                                                                              يقال: أكب الرجل، وكبه الله. وهذا بناء غريب؛ فإن العادة: أن يكون الفعل اللازم بغير همزة، فيعدى بالهمزة. وهنا عكسه.

                                                                                                                              [ ص: 478 ] والضمير يعود على المعطى. أي: أتألف قلبه بالإعطاء، مخافة من كفره: إذا لم يعط.

                                                                                                                              وفي الباب روايات، عند مسلم وغيره.

                                                                                                                              وفيه: الفرق بين الإسلام والإيمان؛ وفي هذه المسألة: خلاف، وكلام طويل. تقدم إيضاح شرحها، في كتاب (الإيمان) .

                                                                                                                              وفيه: دلالة لمذهب أهل الحق، في قولهم: إن الإقرار باللسان لا ينفع، إلا إذا اقترن به: الاعتقاد بالقلب.

                                                                                                                              خلافا لغلاة المرجئة، في قولهم: " يكفي الإقرار ".

                                                                                                                              وهذا خطأ ظاهر. يرده إجماع المسلمين، والنصوص: في إكفار المنافقين. وهذه صفتهم.

                                                                                                                              وفيه: الشفاعة إلى ولاة الأمور، فيما ليس بمحرم.

                                                                                                                              وفيه: مراجعة المسئول في الأمر الواحد.

                                                                                                                              وفيه: تنبيه المفضول الفاضل، على ما يراه مصلحة.

                                                                                                                              وفيه: أن الفاضل لا يقبل ما يشار عليه به مطلقا. بل يتأمله، فإن لم تظهر مصلحته لم يعمل به.

                                                                                                                              [ ص: 479 ] وفيه: الأمر بالتثبت وترك القطع بما لا يعلم القطع فيه.

                                                                                                                              وفيه: أن الإمام، يصرف المال في مصالح المسلمين: الأهم فالأهم.

                                                                                                                              وفيه: أنه لا يقطع لأحد بالجنة على التعيين، إلا من ثبت فيه أنه كالعشرة وأشباههم.

                                                                                                                              وهذا مجمع عليه، عند أهل السنة.

                                                                                                                              وليس في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "أو مسلما"، إنكار كونه بل معناه: النهي عن القطع بالإيمان.

                                                                                                                              وأن لفظة " الإسلام " أولى به. فإن الإسلام معلوم بحكم الظاهر. وأما الإيمان فباطن، لا يعلمه إلا الله تعالى.

                                                                                                                              وقد زعم صاحب التحرير: أن في هذا الحديث، إشارة إلى أن الرجل لم يكن مؤمنا، وليس كما زعم.

                                                                                                                              بل فيه: إشارة إلى إيمانه، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في جواب سعد: " إني لأعطي الرجل، وغيره أحب إلي منه".

                                                                                                                              معناه: أعطي من أخاف عليه " لضعف إيمانه، أن يكفر. وأدع غيره: من هو أحب إلي منه، لما أعلمه من طمأنينة قلبه وصلابة إيمانه.

                                                                                                                              قاله النووي .




                                                                                                                              الخدمات العلمية